(تَنْزِيلًا)
مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ "نَزَّلْنَاهُ" مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
(مِمَّنْ)
(مِنْ) : حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ(مَنْ) : اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ.
(خَلَقَ)
فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ"، وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
(الْأَرْضَ)
مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
(وَالسَّمَاوَاتِ)
"الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ(السَّمَاوَاتِ) : مَعْطُوفٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُؤَنَّثٍ سَالِمٌ.
(الْعُلَى)
نَعْتٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الْمُقَدَّرَةُ لِلتَّعَذُّرِ.
إعراب الآية ٤ من سورة طه
{ تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى ( طه: 4 ) }
﴿تَنْزِيلًا﴾: مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: نزلناه، منصوب بالفتحة.
﴿مِمَّنْ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بـ"تنزيل".
﴿خَلَقَ﴾: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتح، والفاعل: هو.
﴿الْأَرْضَ﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
﴿وَالسَّمَاوَاتِ﴾: اسم معطوف بالواو على "الأرض" منصوب بالكسرة.
﴿الْعُلَى﴾: نعت للسماوات منصوب، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة.
وجملة "خلق" لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها صلة الموصول "من" الثاني.
﴿تَنْزِيلًا﴾: مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: نزلناه، منصوب بالفتحة.
﴿مِمَّنْ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بـ"تنزيل".
﴿خَلَقَ﴾: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتح، والفاعل: هو.
﴿الْأَرْضَ﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
﴿وَالسَّمَاوَاتِ﴾: اسم معطوف بالواو على "الأرض" منصوب بالكسرة.
﴿الْعُلَى﴾: نعت للسماوات منصوب، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة.
وجملة "خلق" لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها صلة الموصول "من" الثاني.
إعراب الآية ٤ من سورة طه مكتوبة بالتشكيل
﴿تَنْزِيلًا﴾: مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ "نَزَّلْنَاهُ" مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿مِمَّنْ﴾: ( مِنْ ) حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ( مَنْ ) اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ.
﴿خَلَقَ﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ"، وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
﴿الْأَرْضَ﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَالسَّمَاوَاتِ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( السَّمَاوَاتِ ) مَعْطُوفٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُؤَنَّثٍ سَالِمٌ.
﴿الْعُلَى﴾: نَعْتٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الْمُقَدَّرَةُ لِلتَّعَذُّرِ.
﴿مِمَّنْ﴾: ( مِنْ ) حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ( مَنْ ) اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ.
﴿خَلَقَ﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ"، وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
﴿الْأَرْضَ﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَالسَّمَاوَاتِ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( السَّمَاوَاتِ ) مَعْطُوفٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُؤَنَّثٍ سَالِمٌ.
﴿الْعُلَى﴾: نَعْتٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الْمُقَدَّرَةُ لِلتَّعَذُّرِ.
إعراب الآية ٤ من سورة طه إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة طه (20) : الآيات 1 الى 8]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (4)
الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (5) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (7) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (8)
اللغة:
(الْعُلى) : ويجوز كتابتها بالياء والألف لأن الفعل علا يعلو وعلي يعلى وهي المرتبة والرفعة وقال السيوطي وأبو البقاء: هي جمع عليا ككبرى وكبر فكتبت بالياء.
(اسْتَوى) : لها في اللغة معان كثيرة قال في القاموس: «استوى الشيء اعتدل واستقام يقال: سويت الشيء فاستوى واستوى الرجل: استقام أمره وانتهى شبابه وبلغ أشده، واستوى عليه: ظهر واستولى واستوى على ظهر الدابة استقر، يقال: استوى على سرير الملك كناية عن التملك واستوى الى الشيء قصده واستوت به الأرض هلك ودفن فيها واستوى الطعام نضج. وأصل الفعل الثلاثي سوي يسوى سوى الرجل: استقام أمره.
وقال في الأساس: «استوى الشيئان وتساويا وساوى أحدهما صاحبه وفلان يساويك في العلم وساوى بين الشيئين وسوّى بينهما وساويت هذا بهذا وسويته قال الراعي:
بجرد عليهنّ الأجلّة سوّيت ... بضيف الشتاء والبنين الأصاغر
أي يصونها صيانة الضيوف والأطفال وسويت المعوج فاستوى ورزقك الله تعالى ولدا سويا لا داء به ولا عيب وهما على سوية من الأمر وسواء وفيه النصفة والسوية وهما سواء وهم سواسية في الشر وأنتما سيان وما هو بسيّ لك وفعل القوم كذا ولا سيما زيد ومكان سوى: وسط بين الحدين وجاءوا سوى فلان وسواءه «فرآه في سواء الجحيم» في وسطها وضرب سواءه وسطه وضربه على مستوى مفرقه قال بعض بني أزنم:
نحن من خير معدّ نسبا ... ولنا قدما على الناس المهل
إذ ضربنا الصّمة الخير على ... مستوى مفرقه حتى انجدل
ورجل سواء القدم: مستويها ليس لها أخمص، ومن المجاز:
إذا صليت الفجر استويت إليك قصدتك قصدا لا ألوي على شيء «ثم استوى الى السماء» واستوى على الدابة والفراش والسرير وانتهى شبابه واستوى واستوى على البلد» وسيأتي المراد به في الآية في باب البلاغة.
(الثَّرى) : في المصباح: «الثرى وزان الحصى ندى الأرض، وأثرت الأرض بالألف كثر ثراها والثرى أيضا: التراب الندي فإن لم يكن نديا فهو تراب ولا يقال له حينئذ ثرى» وفيه أيضا: «نديت الأرض ندى من باب تعب فهي ندية مثل تعبة ويعدّى بالهمز والتضعيف وأصابها نداوة وندوة بالضم والتثقيل» وفي الأساس واللسان وغيرهما: «شهر ثرى، وشهر ترى، وشهر مرعى أي تكون الأرض ندية أولا ثم ترى الخضرة ثم يطول النبات حتى يصلح للراعية وثرى المطر التراب يثريه وهو مثري وثري التراب فهو ثرّ وثرّيت التراب نديته وثرّيت السويق» .
(وَأَخْفى) سيأتي الكلام فيها في باب الإعراب.
الإعراب:
(طه) تقدم القول في فواتح السور واعرابها. (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) ما نافية وأنزلنا فعل وفاعل وعليك متعلقان بأنزلنا والقرآن مفعول به ولتشقى اللام للتعليل وتشقى فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وسيأتي المراد بالشقاء في باب الفوائد.
(إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) إلا أداة حصر وتذكرة مفعول لأجله والاستثناء منقطع، قال أبو البقاء ولا يجوز أن يكون مفعولا من أجله لأنزلنا المذكورة لأنها قد تعدت الى مفعول له وهو لتشقى فلا تتعدى الى آخر من جنسه ولا يصح أن يعمل فيها لتشقى لفساد المعنى، وقيل تذكرة مصدر في موضع الحال واختار الزمخشري أن تكون تذكرة مفعولا لأجله قال: «وكل واحد من لتشقى وتذكرة علة للفعل إلا أن الأول وجب مجيئه مع اللام لأنه ليس لفاعل الفعل المعلل ففاتته شريطة الانتصاب على المفعولية والثاني جاز قطع اللام عنه ونصبه لاستجماع الشرائط» وعلى هذا جرى معظم المعربين والمفسرين، قال الكرخي في تعليقه على عبارة الجلال السيوطي: «أشار الى أن الاستثناء منقطع وأن تذكرة مفعول من أجله والعامل أنزلناه المقدر لا المذكور وكل واحد من لتشقى وتذكرة علة لقوله ما أنزلنا وتعدى في لتشقى باللام لاختلاف العامل لأن ضمير أنزلنا لله وضمير لتشقى للنبي فلم يتحد الفاعل واتحد في تذكرة لأن المذكر هو الله تعالى وهو المنزل فنصب بغير لام» وأنكر أبو علي الفارسي أن يكون مفعولا لأجله أو بدلا من لتشقى قال وانما هو منصوب على المصدرية أي أنزلناه لتذكر به تذكرة، وإنما أوردنا هذه الأقوال على تباينها وتدافعها لأننا لم نستطع الترجيح بينها.
(تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) مفعول مطلق لفعل محذوف وتقديره نزلناه تنزيلا فحذف وجوبا على حد قول ابن مالك:
والحذف حتم مع آت بدلا ... من فعله كندلا اللذ كاندلا
وأجاز الزمخشري فيه وجوها كلها واردة فقال «في نصب تنزيلا وجوه: أن يكون بدلا من تذكرة إذا جعل حالا لا إذا كان مفعولا له لأن الشيء لا يعلل بنفسه وأن ينصب بنزل مضمرا وأن ينصب بأنزلنا لأن معنى ما أنزلناه إلا تذكرة أنزلناه تذكرة، وأن ينصب على المدح والاختصاص، وأن ينصب بيخشى مفعولا به أي أنزله الله تذكرة لمن يخشى تنزيل الله وهو معنى حسن واعراب بين» وممن متعلقان بتنزيلا وجملة خلق الأرض والسموات صلة والعلى صفة. (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)
الرحمن خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو أو مبتدأ وعلى العرش متعلقان باستوى وجملة استوى خبر ثان ل «هو» المقدرة أو خبر الرحمن وسيأتي معنى الاستواء على العرش في باب الفوائد.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) له خبر مقدم وما مبتدأ مؤخر وفي السموات صلة وما في الأرض عطف على ما في السموات وما بينهما كذلك وما عطف على ما وتحت الثرى ظرف متعلق بمحذوف صلة ما. (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) الواو استئنافية مسوقة لبيان شرع الله تعالى في دعائه وان شرطية وتجهر فعل الشرط وفاعله مستتر تقديره أنت وبالقول جار ومجرور متعلقان بتجهر فإنه الفاء رابطة لأن الجواب جملة اسمية وان واسمها وجملة يعلم السر خبرها وأخفى عطف على السر أي أخفى منه فهو اسم تفضيل من خفي بمعنى استتر وغاب وأجاز بعضهم أن يكون فعلا ماضيا أي وأخفى الله عن عباده غيبه وعندنا أن ذلك غير جائز لأنه من جهة اللفظ يلزم منه عطف الفعلية على الاسمية إن كان المعطوف عليه هو الجملة الكبرى أو عطف الماضي على المضارع إن كان المعطوف عليه الجملة الصغرى وكلاهما دون الأحسن ومن جهة المعنى واضح أن المقصود الحض على ترك الجهر بإسقاط فائدته من حيث إن الله يعلم السر وما هو أخفى منه فكيف يبقى للجهر فائدة وكلاهما على هذا التأويل مناسب لترك الجهر وأما إذا جعل فعلا فيخرج عن مقصود السياق، واعلم أنهم قد يحذفون من من افعل إذا أريد به التفضيل ومعنى الفعل وهم يريدونها فتكون كالمنطوق بها نحو زيد أكرم وأفضل فلم تأت بألف ولام كما لم تأت بها مع من لأن الموجود حكما كالموجود لفظا أي: يعلم السرّ وأخفى منه والذي يدل على ارادة من أن أخفى لا ينصرف كما لا ينصرف آخر من قولك مررت برجل آخر إذا أردت من معه وإن لم تذكره وانما نكره للمبالغة في الخفاء. (اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) الله مبتدأ وجملة لا إله إلا هو الاسمية خبر وقد تقدم اعراب لا إله إلا هو مفصلا وله خبر مقدم والأسماء مبتدأ مؤخر والحسنى صفة للأسماء والجملة خبر ثان. ومعلوم أن جمع التكسير في غير العقلاء يعامل معاملة المؤنثة الواحدة.
الفوائد:
1- روى التاريخ: ان أبا جهل والنضر بن الحارث قالا له:
إنك شقي لأنك تركت دين آبائك فأريد رد ذلك بأن دين الإسلام وهذا القرآن هو السلّم الى نيل كل فوز والسبب في ادراك كل سعادة وما فيه الكفرة هو الشقاوة بعينها وروي انه عليه الصلاة والسلام صلى بالليل حتى اسمغدّت قدماه أي تورمت كما في الصحاح فقال له جبريل عليه السلام أبق على نفسك فإن لها عليك حقا ويحتمل أن يراد لا تتعب نفسك بفرط أسفك على كفر قريش إذ ما عليك إلا البلاغ، ولم يكتب عليك أن يؤمنوا بعد ان لم تفرط في أداء الرسالة وإسداء الموعظة الحسنة. والشقاء يجيء في معنى التعب قال ابن كيسان: «وأصل الشقاء في اللغة العناء والتعب ومنه قول المتنبي:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
2- الاستثناء المنقطع:
استثناء الشيء من غير جنسه لا معنى له ولا مورد من ذلك فليست فيه «إلا» للاستثناء على سبيل الأصل وانما هي بمعنى «لكن» وهو ما يسونه «الاستثناء المنقطع» ومع ذلك فلا بد من الارتباط بين المستثنى منه والمستثنى ومن ذلك قوله تعالى «ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى» أي لكن أنزلناه تذكرة فتذكرة مستثنى من المصدر المؤول من تشقى بأن المضمرة بعد لام التعليل لأن المعنى ما أنزلنا القرآن لشقائك.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (4)
الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (5) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (7) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (8)
اللغة:
(الْعُلى) : ويجوز كتابتها بالياء والألف لأن الفعل علا يعلو وعلي يعلى وهي المرتبة والرفعة وقال السيوطي وأبو البقاء: هي جمع عليا ككبرى وكبر فكتبت بالياء.
(اسْتَوى) : لها في اللغة معان كثيرة قال في القاموس: «استوى الشيء اعتدل واستقام يقال: سويت الشيء فاستوى واستوى الرجل: استقام أمره وانتهى شبابه وبلغ أشده، واستوى عليه: ظهر واستولى واستوى على ظهر الدابة استقر، يقال: استوى على سرير الملك كناية عن التملك واستوى الى الشيء قصده واستوت به الأرض هلك ودفن فيها واستوى الطعام نضج. وأصل الفعل الثلاثي سوي يسوى سوى الرجل: استقام أمره.
وقال في الأساس: «استوى الشيئان وتساويا وساوى أحدهما صاحبه وفلان يساويك في العلم وساوى بين الشيئين وسوّى بينهما وساويت هذا بهذا وسويته قال الراعي:
بجرد عليهنّ الأجلّة سوّيت ... بضيف الشتاء والبنين الأصاغر
أي يصونها صيانة الضيوف والأطفال وسويت المعوج فاستوى ورزقك الله تعالى ولدا سويا لا داء به ولا عيب وهما على سوية من الأمر وسواء وفيه النصفة والسوية وهما سواء وهم سواسية في الشر وأنتما سيان وما هو بسيّ لك وفعل القوم كذا ولا سيما زيد ومكان سوى: وسط بين الحدين وجاءوا سوى فلان وسواءه «فرآه في سواء الجحيم» في وسطها وضرب سواءه وسطه وضربه على مستوى مفرقه قال بعض بني أزنم:
نحن من خير معدّ نسبا ... ولنا قدما على الناس المهل
إذ ضربنا الصّمة الخير على ... مستوى مفرقه حتى انجدل
ورجل سواء القدم: مستويها ليس لها أخمص، ومن المجاز:
إذا صليت الفجر استويت إليك قصدتك قصدا لا ألوي على شيء «ثم استوى الى السماء» واستوى على الدابة والفراش والسرير وانتهى شبابه واستوى واستوى على البلد» وسيأتي المراد به في الآية في باب البلاغة.
(الثَّرى) : في المصباح: «الثرى وزان الحصى ندى الأرض، وأثرت الأرض بالألف كثر ثراها والثرى أيضا: التراب الندي فإن لم يكن نديا فهو تراب ولا يقال له حينئذ ثرى» وفيه أيضا: «نديت الأرض ندى من باب تعب فهي ندية مثل تعبة ويعدّى بالهمز والتضعيف وأصابها نداوة وندوة بالضم والتثقيل» وفي الأساس واللسان وغيرهما: «شهر ثرى، وشهر ترى، وشهر مرعى أي تكون الأرض ندية أولا ثم ترى الخضرة ثم يطول النبات حتى يصلح للراعية وثرى المطر التراب يثريه وهو مثري وثري التراب فهو ثرّ وثرّيت التراب نديته وثرّيت السويق» .
(وَأَخْفى) سيأتي الكلام فيها في باب الإعراب.
الإعراب:
(طه) تقدم القول في فواتح السور واعرابها. (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) ما نافية وأنزلنا فعل وفاعل وعليك متعلقان بأنزلنا والقرآن مفعول به ولتشقى اللام للتعليل وتشقى فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وسيأتي المراد بالشقاء في باب الفوائد.
(إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) إلا أداة حصر وتذكرة مفعول لأجله والاستثناء منقطع، قال أبو البقاء ولا يجوز أن يكون مفعولا من أجله لأنزلنا المذكورة لأنها قد تعدت الى مفعول له وهو لتشقى فلا تتعدى الى آخر من جنسه ولا يصح أن يعمل فيها لتشقى لفساد المعنى، وقيل تذكرة مصدر في موضع الحال واختار الزمخشري أن تكون تذكرة مفعولا لأجله قال: «وكل واحد من لتشقى وتذكرة علة للفعل إلا أن الأول وجب مجيئه مع اللام لأنه ليس لفاعل الفعل المعلل ففاتته شريطة الانتصاب على المفعولية والثاني جاز قطع اللام عنه ونصبه لاستجماع الشرائط» وعلى هذا جرى معظم المعربين والمفسرين، قال الكرخي في تعليقه على عبارة الجلال السيوطي: «أشار الى أن الاستثناء منقطع وأن تذكرة مفعول من أجله والعامل أنزلناه المقدر لا المذكور وكل واحد من لتشقى وتذكرة علة لقوله ما أنزلنا وتعدى في لتشقى باللام لاختلاف العامل لأن ضمير أنزلنا لله وضمير لتشقى للنبي فلم يتحد الفاعل واتحد في تذكرة لأن المذكر هو الله تعالى وهو المنزل فنصب بغير لام» وأنكر أبو علي الفارسي أن يكون مفعولا لأجله أو بدلا من لتشقى قال وانما هو منصوب على المصدرية أي أنزلناه لتذكر به تذكرة، وإنما أوردنا هذه الأقوال على تباينها وتدافعها لأننا لم نستطع الترجيح بينها.
(تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) مفعول مطلق لفعل محذوف وتقديره نزلناه تنزيلا فحذف وجوبا على حد قول ابن مالك:
والحذف حتم مع آت بدلا ... من فعله كندلا اللذ كاندلا
وأجاز الزمخشري فيه وجوها كلها واردة فقال «في نصب تنزيلا وجوه: أن يكون بدلا من تذكرة إذا جعل حالا لا إذا كان مفعولا له لأن الشيء لا يعلل بنفسه وأن ينصب بنزل مضمرا وأن ينصب بأنزلنا لأن معنى ما أنزلناه إلا تذكرة أنزلناه تذكرة، وأن ينصب على المدح والاختصاص، وأن ينصب بيخشى مفعولا به أي أنزله الله تذكرة لمن يخشى تنزيل الله وهو معنى حسن واعراب بين» وممن متعلقان بتنزيلا وجملة خلق الأرض والسموات صلة والعلى صفة. (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)
الرحمن خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو أو مبتدأ وعلى العرش متعلقان باستوى وجملة استوى خبر ثان ل «هو» المقدرة أو خبر الرحمن وسيأتي معنى الاستواء على العرش في باب الفوائد.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) له خبر مقدم وما مبتدأ مؤخر وفي السموات صلة وما في الأرض عطف على ما في السموات وما بينهما كذلك وما عطف على ما وتحت الثرى ظرف متعلق بمحذوف صلة ما. (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) الواو استئنافية مسوقة لبيان شرع الله تعالى في دعائه وان شرطية وتجهر فعل الشرط وفاعله مستتر تقديره أنت وبالقول جار ومجرور متعلقان بتجهر فإنه الفاء رابطة لأن الجواب جملة اسمية وان واسمها وجملة يعلم السر خبرها وأخفى عطف على السر أي أخفى منه فهو اسم تفضيل من خفي بمعنى استتر وغاب وأجاز بعضهم أن يكون فعلا ماضيا أي وأخفى الله عن عباده غيبه وعندنا أن ذلك غير جائز لأنه من جهة اللفظ يلزم منه عطف الفعلية على الاسمية إن كان المعطوف عليه هو الجملة الكبرى أو عطف الماضي على المضارع إن كان المعطوف عليه الجملة الصغرى وكلاهما دون الأحسن ومن جهة المعنى واضح أن المقصود الحض على ترك الجهر بإسقاط فائدته من حيث إن الله يعلم السر وما هو أخفى منه فكيف يبقى للجهر فائدة وكلاهما على هذا التأويل مناسب لترك الجهر وأما إذا جعل فعلا فيخرج عن مقصود السياق، واعلم أنهم قد يحذفون من من افعل إذا أريد به التفضيل ومعنى الفعل وهم يريدونها فتكون كالمنطوق بها نحو زيد أكرم وأفضل فلم تأت بألف ولام كما لم تأت بها مع من لأن الموجود حكما كالموجود لفظا أي: يعلم السرّ وأخفى منه والذي يدل على ارادة من أن أخفى لا ينصرف كما لا ينصرف آخر من قولك مررت برجل آخر إذا أردت من معه وإن لم تذكره وانما نكره للمبالغة في الخفاء. (اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) الله مبتدأ وجملة لا إله إلا هو الاسمية خبر وقد تقدم اعراب لا إله إلا هو مفصلا وله خبر مقدم والأسماء مبتدأ مؤخر والحسنى صفة للأسماء والجملة خبر ثان. ومعلوم أن جمع التكسير في غير العقلاء يعامل معاملة المؤنثة الواحدة.
الفوائد:
1- روى التاريخ: ان أبا جهل والنضر بن الحارث قالا له:
إنك شقي لأنك تركت دين آبائك فأريد رد ذلك بأن دين الإسلام وهذا القرآن هو السلّم الى نيل كل فوز والسبب في ادراك كل سعادة وما فيه الكفرة هو الشقاوة بعينها وروي انه عليه الصلاة والسلام صلى بالليل حتى اسمغدّت قدماه أي تورمت كما في الصحاح فقال له جبريل عليه السلام أبق على نفسك فإن لها عليك حقا ويحتمل أن يراد لا تتعب نفسك بفرط أسفك على كفر قريش إذ ما عليك إلا البلاغ، ولم يكتب عليك أن يؤمنوا بعد ان لم تفرط في أداء الرسالة وإسداء الموعظة الحسنة. والشقاء يجيء في معنى التعب قال ابن كيسان: «وأصل الشقاء في اللغة العناء والتعب ومنه قول المتنبي:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
2- الاستثناء المنقطع:
استثناء الشيء من غير جنسه لا معنى له ولا مورد من ذلك فليست فيه «إلا» للاستثناء على سبيل الأصل وانما هي بمعنى «لكن» وهو ما يسونه «الاستثناء المنقطع» ومع ذلك فلا بد من الارتباط بين المستثنى منه والمستثنى ومن ذلك قوله تعالى «ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى» أي لكن أنزلناه تذكرة فتذكرة مستثنى من المصدر المؤول من تشقى بأن المضمرة بعد لام التعليل لأن المعنى ما أنزلنا القرآن لشقائك.
إعراب الآية ٤ من سورة طه التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَنْزِيلًا) : هُوَ مَصْدَرٌ ; أَيْ أَنْزَلْنَاهُ تَنْزِيلًا. وَقِيلَ: هُوَ مَفْعُولُ يَخْشَى، وَ «مِنْ» مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ.
وَ (الْعُلَا) : جَمْعُ الْعُلْيَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَنْزِيلًا) : هُوَ مَصْدَرٌ ; أَيْ أَنْزَلْنَاهُ تَنْزِيلًا. وَقِيلَ: هُوَ مَفْعُولُ يَخْشَى، وَ «مِنْ» مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ.
وَ (الْعُلَا) : جَمْعُ الْعُلْيَا.
إعراب الآية ٤ من سورة طه الجدول في إعراب القرآن
[سورة طه (20) : الآيات 1 الى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (4)
الإعراب
(ما) نافية (عليك) متعلّق ب (أنزلنا) ، (اللام) للتعليل (تشقى) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف، والفاعل أنت.
والمصدر المؤوّل (أن تشقى) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (أنزلنا) .
(إلّا) للاستثناء المنقطع بمعنى لكن (تذكرة) مفعول لأجله عامله مقدّر أي أنزلناه تذكرة ، (لمن) متعلّق ب (تذكرة) ، (تنزيلا) مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره نزّلناه (من) متعلّق ب (تنزيل) لأنّه نائب عن فعله (العلا) نعت للسموات منصوب، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة.
جملة: «ما أنزلنا ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «تشقى ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: «يخشى ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «خلق ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثاني.
الصرف
(تشقى) ، فيه إعلال بالقلب أصله تشقي بالياء، تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا.
(تذكرة) ، مصدر سماعيّ لفعل ذكّر الرباعيّ، وقياسه تذكير، استعيض من الياء التاء المربوطة في آخره تخفيفا، وزنه تفعلة.
(يخشى) ، فيه إعلال بالقلب أصله يخشي، جاءت الياء متحركة بعد فتح قلبت ألفا.
(العلا) ، جمع عليا مؤنّث أعلى.. هو على صيغة التفضيل أفعل وقصد به الوصف المحض أي العالي، ووزن عليا فعلى بضمّ فسكون، ووزن العلا فعل بضمّ ففتح. هذا ويجوز رسم الألف قصيرة برسم الياء غير المنقوطة (العلى) لأن الثلاثيّ الواوي إذا جاءت فاؤه مضمومة صحّ في كتابة الألف فيه وجهان: الأول برسم الألف الطويلة بحسب القاعدة العامّة، والثاني برسم الألف القصيرة على رأي الكوفيين والمعاجم.
الفوائد
1- لفظ «طه» ليس سوى حرفين من أحرف الهجاء، وقد مرّ معنا عدة آراء حول الأحرف في أول السور، فلا حاجة لتكراره 2- تأمل، يا عزيزي، هذه الموسيقا الصادرة عن أواخر هذه الآيات، وكيف أنها انتهت جميعها بالألف المقصورة، فهي أكثر ليونة من باقي الأحرف، وأدعى للتأثر والامتلاك، وهي «لتشقى، يخشى، العلى، استوى، الثرى، أخفى، الحسنى..!» والقرآن مليء بهذه الموسيقى التي تسحر وتأسر، وتدعو إلى الإعجاز والإيجاز..!
3- الاستثناء المنقطع: هو استثناء الشيء من غير جنسه، فليست إلا للاستثناء على سبيل الأصل، وإنما هي بمعنى لكن. ومنه قوله تعالى: «ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى» فتذكرة مستثنى من المصدر المؤول من تشقى، أي ما أنزلنا القرآن لشقائك.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (4)
الإعراب
(ما) نافية (عليك) متعلّق ب (أنزلنا) ، (اللام) للتعليل (تشقى) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف، والفاعل أنت.
والمصدر المؤوّل (أن تشقى) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (أنزلنا) .
(إلّا) للاستثناء المنقطع بمعنى لكن (تذكرة) مفعول لأجله عامله مقدّر أي أنزلناه تذكرة ، (لمن) متعلّق ب (تذكرة) ، (تنزيلا) مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره نزّلناه (من) متعلّق ب (تنزيل) لأنّه نائب عن فعله (العلا) نعت للسموات منصوب، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة.
جملة: «ما أنزلنا ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «تشقى ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: «يخشى ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «خلق ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثاني.
الصرف
(تشقى) ، فيه إعلال بالقلب أصله تشقي بالياء، تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا.
(تذكرة) ، مصدر سماعيّ لفعل ذكّر الرباعيّ، وقياسه تذكير، استعيض من الياء التاء المربوطة في آخره تخفيفا، وزنه تفعلة.
(يخشى) ، فيه إعلال بالقلب أصله يخشي، جاءت الياء متحركة بعد فتح قلبت ألفا.
(العلا) ، جمع عليا مؤنّث أعلى.. هو على صيغة التفضيل أفعل وقصد به الوصف المحض أي العالي، ووزن عليا فعلى بضمّ فسكون، ووزن العلا فعل بضمّ ففتح. هذا ويجوز رسم الألف قصيرة برسم الياء غير المنقوطة (العلى) لأن الثلاثيّ الواوي إذا جاءت فاؤه مضمومة صحّ في كتابة الألف فيه وجهان: الأول برسم الألف الطويلة بحسب القاعدة العامّة، والثاني برسم الألف القصيرة على رأي الكوفيين والمعاجم.
الفوائد
1- لفظ «طه» ليس سوى حرفين من أحرف الهجاء، وقد مرّ معنا عدة آراء حول الأحرف في أول السور، فلا حاجة لتكراره 2- تأمل، يا عزيزي، هذه الموسيقا الصادرة عن أواخر هذه الآيات، وكيف أنها انتهت جميعها بالألف المقصورة، فهي أكثر ليونة من باقي الأحرف، وأدعى للتأثر والامتلاك، وهي «لتشقى، يخشى، العلى، استوى، الثرى، أخفى، الحسنى..!» والقرآن مليء بهذه الموسيقى التي تسحر وتأسر، وتدعو إلى الإعجاز والإيجاز..!
3- الاستثناء المنقطع: هو استثناء الشيء من غير جنسه، فليست إلا للاستثناء على سبيل الأصل، وإنما هي بمعنى لكن. ومنه قوله تعالى: «ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى» فتذكرة مستثنى من المصدر المؤول من تشقى، أي ما أنزلنا القرآن لشقائك.
إعراب الآية ٤ من سورة طه النحاس
{تَنزِيلاً..} [4]
مصدر {مِّمَّنْ خَلَق ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَاوَاتِ ٱلْعُلَى} ولا يجوز عند الخليل وسيبويه أن يأتي مثل هذا إِلاّ بالأف واللام، وهو قول الكوفيين، وقال: مُحَالٌ سَقَطَتْ له ثَنِيّتان عُلْييّانِ لا سُفليانِ لأنه إِنما يراد به المعرفة فإِنْ أردت النكرة، وتفضيل شيء على شيء جئت بمنْ فقلت: سقطت له ثنية أعلى من كذا.
إعراب الآية ٤ من سورة طه مشكل إعراب القرآن للخراط
{ تَنْزِيلا مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى }
"تنزيلا": مفعول مطلق لعامل محذوف، أي: نزلناه تنزيلا الجار "ممَّن" متعلق بنعت لـ "تنزيلا"، وهو مؤلف مِنْ "مِنْ" الجارة ، و"مَنْ" الموصولة.