إعراب : وأرسلناه إلىٰ مائة ألف أو يزيدون

إعراب الآية 147 من سورة الصافات , صور البلاغة و معاني الإعراب.

وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ

التفسير الميسر. تفسير الآية ١٤٧ من سورة الصافات

وأرسلناه إلىٰ مائة ألف أو يزيدون

وأرسلناه إلى مائة ألف من قومه بل يزيدون، فصدَّقوا وعملوا بما جاء به، فمتعناهم بحياتهم إلى وقت بلوغ آجالهم.
(وَأَرْسَلْنَاهُ)
"الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ(أَرْسَلْنَا) : فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بِنَا الْفَاعِلِينَ، وَ(نَا) : ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ بِهِ.
(إِلَى)
حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
(مِائَةِ)
اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
(أَلْفٍ)
مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
(أَوْ)
حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
(يَزِيدُونَ)
فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَعْطُوفٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ.

إعراب الآية ١٤٧ من سورة الصافات

{ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ( الصافات: 147 ) }
﴿وَأَرْسَلْنَاهُ﴾: الواو: حرف عطف.
أرسل: فعل ماضٍ مبنيّ على السكون، لاتصاله بضمير رفع متحرك، و"نا": ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ رفع فاعل، و"الهاء": ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به.
﴿إِلَى مِائَةِ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بـ "ارسلناه".
﴿أَلْفٍ﴾: مضاف إليه مجرور و علامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
﴿أَوْ﴾: حرف عطف.
﴿يَزِيدُونَ﴾: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، و"الواو" ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل.
وجملة "أرسلناه" لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها معطوفة على جملة "نبذناه".
وجملة "يزيدون" لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها استئنافيّة.

إعراب الآية ١٤٧ من سورة الصافات مكتوبة بالتشكيل

﴿وَأَرْسَلْنَاهُ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( أَرْسَلْنَا ) فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بِنَا الْفَاعِلِينَ، وَ( نَا ) ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ بِهِ.
﴿إِلَى﴾: حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿مِائَةِ﴾: اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿أَلْفٍ﴾: مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿أَوْ﴾: حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿يَزِيدُونَ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَعْطُوفٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ.

إعراب الآية ١٤٧ من سورة الصافات إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة الصافات (37) : الآيات 139 الى 156]
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (148)
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (150) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (153)
ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (156)

اللغة:
(أَبَقَ)
: هرب من قومه بغير إذن ربه وهو للعبد خاصة إذ يهرب من سيده ولكن أطلق على يونس على طريق الاستعارة التصريحية التبعية أو على طريق المجاز المرسل والعلاقة هي استعمال المقيد في المطلق وفي المصباح: «أبق العبد أبقا من بابي تعب وقتل في لغة والأكثر من باب ضرب إذا هرب من سيده من غير خوف ولا كد والإباق بالكسر اسم منه فهو آبق والجمع أبّاق مثل كافر وكفار» .
(الْمُدْحَضِينَ)
: المغلوبين بالقرعة، وساهم أي قارع وغالب أهل السفينة بالقرعة، وستأتي قصة يونس مختصرة في باب الفوائد.
(مُلِيمٌ) : داخل في الملامة يقال: ألام فلان إذا فعل ما يلام عليه وفي المصباح: «لامه لوما من باب قال: عذله فهو ملوم على النقص والفاعل لائم والجمع لوم مثل راكع وركع وألامه بالألف لغة فهو ملام والفاعل مليم والاسم الملامة والجمع ملاوم واللائمة مثل الملامة وألام الرجل إذا فعل ما يستحق عليه اللوم وتلوّم تلوما: تمكث. (العراء) : المكان الخالي لا شجر فيه ولا شيء يغطيه وهو مشتق من العري وهو عدم السترة شبهت الأرض الجرداء بذلك لعدم استتارها بشيء العرا بالقصر الناحية ومنه اعتراه أي قصد عراه وعبارة القاموس: «العراء الفضاء لا يستتر فيه بشيء وجمعه إعراء وأعرى سار فيه وأقام» .
(يَقْطِينٍ) : قال في القاموس: «ما لا ساق له من النبات ونحوه وبهاء: القرعة الرطبة» وعبارة الزمخشري: «واليقطين كل ما ينسدح على وجه الأرض ولا يقوم على ساق كشجرة البطيخ والقثاء والحنظل وهو يفعيل من قطن بالمكان إذا أقام به وقيل هو الدباء» وانما خص القرع لأنه يجمع بين برد الظل ولين الملمس وكبر الورق وان الذباب لا يقربه.


الإعراب:
(وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)
استئناف أو عطف مسوق لسرد القصة السادسة وهي قصة يونس عليه السلام وسأتي خلاصة وافية عنها في باب الفوائد، وان واسمها واللام المزحلقة ومن المرسلين خبر إن. (إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)
إذ ظرف للمرسلين أي هو من المرسلين حتى في هذه الحالة وجملة أبق في محل جر باضافة الظرف إليها والى الفلك جار ومجرور متعلقان بأبق والمشحون نعت.
(فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ)
الفاء عاطفة وساهم فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره هو فكان عطف على فساهم واسمها مستتر تقديره هو ومن المدحضين خبر كان. (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) الفاء عاطفة على محذوف يدرك من سياق الكلام أي فألقوه في البحر فالتقمه الحوت، وقيل فألقى نفسه في الماء. والتقمه فعل ومفعول به مقدم والحوت مبتدأ مؤخر والواو للحال وهو مبتدأ ومليم خبر والجملة في محل نصب على الحال والمعنى أنه أتى ما يستحق عليه اللوم.
(فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) الفاء عاطفة ولولا حرف امتناع لوجود وان وما في حيزها مبتدأ خبره محذوف وجوبا وأن واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر تقديره هو ومن المسبحين خبرها.
(لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) اللام واقعة في جواب لولا ولبث فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره هو وفي بطنه متعلقان بلبث أو بمحذوف حال أي مستقر والى يوم متعلقان بلبث وجملة يبعثون مضاف إليها الظرف ويبعثون فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل. (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) الفاء عاطفة على محذوف أي أمرنا الحوت بنبذه فنبذناه، ونبذناه فعل وفاعل ومفعول به وبالعراء متعلقان بنبذناه والواو حالية وهو مبتدأ وسقيم خبر أي معتل مما حلّ به. (وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) وأنبتنا عطف على فنبذناه وعليه متعلقان بأنبتنا وشجرة مفعول به ومن يقطين نعت لشجرة. (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) الواو حرف عطف وأرسلنا فعل وفاعل ومفعول به والى مائة ألف متعلقان بأرسلناه وأو حرف عطف ويزيدون فعل مضارع مرفوع وسيأتي القول مفصلا في «أو» في باب الفوائد. (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) الفاء عاطفة وآمنوا فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل والفاء عاطفة ومتعناهم فعل وفاعل ومفعول به والى حين متعلقان بمتعناهم.
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) الفاء حرف عطف عطفت هذه الجملة على قوله فاستفتهم وان بعد المدى قال البيضاوي:
«فاستفتهم: معطوف على مثله في أول السورة فأمر أولا باستفتائهم عن وجه انكار البعث وساق الكلام في تقديره جارا لما يلائمه من القصص موصولا بعضها ببعض ثم أمر باستفتائهم عن وجه القسمة حيث جعلوا لله البنات ولأنفسهم البنين في قولهم الملائكة بنات الله» وقد تقدم أن الفاء الأولى هي الفصيحة لأنها واقعة في جواب شرط مقدر وقد ثار نقاش حول هذا العطف البعيد سنفصل فيه القول في باب الفوائد. واستفتهم فعل أمر وفاعل مستتر تقديره أنت والهاء مفعول به والهمزة للاستفهام الإنكاري وسيأتي معناه في باب البلاغة ولربك خبر مقدم والبنات مبتدأ مؤخر والواو حرف عطف ولهم خبر مقدم والبنون مبتدأ مؤخر. (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ) أم حرف عطف معادلة للهمزة كأن المستفهم يدعي ثبوت أحد الأمرين ويطلب تعيينه منهم قائلا: أي هذين الأمرين تدعونه. وخلقنا فعل وفاعل والملائكة مفعول به وإناثا حال والواو للحال وهم مبتدأ وشاهدون خبر والجملة نصب على الحال.
(أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ) كلام مستأنف مسوق لإبطال مذهبهم الفاسد ببيان انه افك صريح لا دليل يدعمه وألا أداة تنبيه وان واسمها ومن إفكهم متعلقان بيقولون واللام المزحلقة وجملة يقولون خبر إنهم. (وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) ولد الله فعل وفاعل والجملة مقول قولهم والواو للحال وان واسمها واللام المزحلقة وكاذبون خبرها. (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) الهمزة المفتوحة للاستفهام الانكاري استغنى بها عن همزة الوصل في التوصل للنطق بالساكن، واصطفى فعل ماض والفاعل مستتر تقديره هو يعود على الله والبنات مفعول به وعلى البنين متعلقان باصطفى بعد تضمينه معنى أفضل. (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ما اسم استفهام ولكم خبر أي ما ثبت واستقر لكم على جهة الإنكار والجملة مستأنفة وكيف اسم استفهام في محل نصب على الحال أو المفعولية المطلقة وتحكمون فعل مضارع وفاعل والجملة مستأنفة أيضا فليس لإحدى الجملتين تعلق بالأخرى.
(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) الهمزة للاستفهام الانكاري أيضا والفاء عاطفة على محذوف مفهوم من السياق أي أعميتم عن الحقائق وضللتم عن الشواهد، ولا نافية وتذكرون فعل مضارع مرفوع وفاعل وأصله تتذكرون ومفعول تذكرون محذوف تقديره أنه منزه عن الولد.
(أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) أم حرف عطف بمعنى بل فهو للاضراب الانتقالي ولكم خبر مقدم وسلطان مبتدأ مؤخر ومبين نعت لسلطان.


البلاغة:
في هذه الآيات يبدو الأسلوب المكي واضح الدلالة، ظاهر المفهوم، مرهف العاطفة فقد تكرر فيه الاستفهام الانكاري، ناعيا عليهم جهلهم المفرط في الغباء، القائم على ثلاث جهالات: أولاها التجسيم لأن الولادة من خصائص الأجسام وثانيتها تفضيل أنفسهم على ربهم حيث جعلوا أوضع الجنسين في اصطلاحهم ومفهومهم له وأرفعهما لهم وتلك جهالة ما بعدها جهالة وثالثتها أنهم استهانوا بأكرم خلق الله وأقربهم إليه حيث أنثوهم وقد كانوا يتعايرون بوصف الأنوثة ويعتبرونه من دلائل المهانة وسمات الخسة.


الفوائد:
1- اختلف في «أو» هذه اختلافا كثيرا فقال الفراء: معناها بل يزيدون فتكون عنده للإضراب ويكون الإخبار الأول بحسب ما يظهر للناس إذا رأوهم والثاني إضراب لما في الواقع ونفس الأمر فالمعنى أرسلناه الى جماعة يحزرهم الناس مائة الف وهم أزيد من ذلك وفيه نكتة جليلة وهي الانتقال من الأدنى الى الأعلى لما له من الوقع في النفس ولفت النظر إليه بخلاف ما إذا أخبر بالأعلى من أول الأمر، وقال بعض الكوفيين هي بمعنى الواو، أما البصريون فلهم فيها أقوال:
1- قيل هي للإبهام.
2- وقيل هي للتخيير أي إذا رآهم الرائي تخير بين أن يقول هم مائة ألف أو يقول هم أكثر، قال ابن هشام: نقل ابن الشجري هذا القول عن سيبويه وفي ثبوته عنه نظر ولا يصح التخيير بين شيئين الواقع أحدهما.
3- وقيل هي للشك مصروفا الى الرائي.
4- وقيل إنها للإباحة أي لك أن تحزرهم وتقدر عددهم كيف تشاء.
5- وقيل هي للشك بمعنى أن أصدق الحادسين يشك في عددهم.
وأحسن ما قرأناه قول الزمخشري: في مرآى الناظر أي إذا رآها الرائي قال هي مائة ألف أو أكثر والغرض الوصف بالكثرة.
2- العطف البعيد:
قوله «فاستفتهم» الآية معطوف على ما قبله وهو قوله «فاستفتهم أهم أشد خلقا» وقد منع النحاة الفصل بجملة فما بالك بجمل بل بسورة، ولكن ما استقبحه النحاة وارد في عطف المفردات وأما الجمل فلاستقلالها يغتفر فيها وهذا الكلام لتلاحمه وتعانقه صار بمثابة الجملة الواحدة فانتفى عنه البعد.
3- خلاصة قصة يونس:
غاضب ذو النون قومه لما لم ينزل بساحتهم العذاب الذي وعدهم به فذهب مغاضبا وكان من حقه أن لا يذهب فقد كان ضيق العطن قليل الذرع ولما ركب السفينة وقفت في لج البحر فقال ملاحوها هنا عبد أبق من سيده تظهره القرعة وكان من عادتهم أن السفينة إذا كان منها آبق أو مذنب لم تسر وكان ذلك بدجلة لأنه أرسل الى أهل نينوى من أرض الموصل فلما ساهم أي قارع أهل السفينة كان من المغلوبين بالقرعة فألقوه في البحر فابتلعه الحوت إلى آخر تلك القصة البديعة.

إعراب الآية ١٤٧ من سورة الصافات التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوْ يَزِيدُونَ) : أَيْ يَقُولُ الرَّائِي لَهُمْ هُمْ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ. وَقِيلَ: بَعْضُهُمْ يَقُولُ: مِائَةُ أَلْفٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَكْثَرُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ: (أَوْ كَصَيِّبٍ) [الْبَقَرَةِ: 19] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ (وُجُوهًا) [النِّسَاءِ: 47] .

إعراب الآية ١٤٧ من سورة الصافات الجدول في إعراب القرآن

[سورة الصافات (37) : الآيات 139 الى 148]
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (148)


الإعراب
(الواو) استئنافيّة (لمن المرسلين) مثل السابقة .
جملة: «إنّ يونس لمن المرسلين» لا محلّ لها استئنافيّة.
(140) (إذ أبق) مثل إذ نجّيناه ، (إلى الفلك) متعلّق ب (أبق) .
وجملة: «أبق ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
(141) (الفاء) عاطفة في الموضعين (من المدحضين) متعلّق بخبر كان.
وجملة: «ساهم ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة أبق.
وجملة: «كان من المدحضين..» في محلّ جرّ معطوفة على جملة ساهم.
(142) (الفاء) عاطفة و (الواو) حالية.]
(2) في الآية (134) من هذه السورة. وجملة: «التقمه الحوت ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة كان ...
وجملة: «هو مليم» في محلّ نصب حال.
(143) (الفاء) استئنافيّة- أو عاطفة- (لولا) حرف شرط غير جازم (من المسبّحين) متعلّق بخبر كان.
والمصدر المؤوّل (أنّه كان من المسبّحين) في محلّ رفع مبتدأ خبره محذوف تقديره موجود.
وجملة: «لولا (تسبيحه) موجود» لا محلّ لها استئنافيّة- أو معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «كان من المسبّحين» في محلّ رفع خبر أنّ.
(144) (اللام) واقعة في جواب لولا (في بطنه) متعلّق ب (لبث) ، (إلى يوم) متعلّق ب (لبث) ، و (الواو) في (يبعثون) نائب الفاعل.
وجملة: «لبث ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «يبعثون» في محلّ جرّ مضاف إليه.
(145) (الفاء) استئنافيّة (بالعراء) متعلّق ب (نبذناه) و (الباء) للظرفيّة (الواو) حالية..
وجملة: «نبذناه ... » لا محلّ لها استئنافيّة في معرض قصّة يونس.
وجملة: «هو سقيم» في محلّ نصب حال.
(146) (الواو) عاطفة (عليه) متعلّق ب (أنبتنا) بتضمينه معنى ظلّلنا (من يقطين) متعلّق بنعت لشجرة.
وجملة: «أنبتنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نبذناه. (147) (الواو) عاطفة (إلى مائة) متعلّق ب (أرسلناه) ، (أو) للإضراب ..
وجملة: «أرسلناه ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نبذناه..
وجملة: «يزيدون..» لا محلّ لها استئنافيّة.
(148) (الفاء) عاطفة في الموضعين (إلى حين) متعلّق ب (متّعناهم) .
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أرسلناه.
وجملة: «متّعناهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آمنوا.


الصرف
(141) المدحضين: جمع المدحض، اسم مفعول من أدحض المبنيّ للمجهول، وزنه مفعل بضمّ الميم وفتح العين.
(142) مليم: اسم فاعل من الرباعيّ ألام فلان إذا أتى بما يلام عليه، وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين، وفيه إعلال بالقلب وإعلال بالتسكين، أصله ملوم بضمّ فسكون فكسر، استثقلت الكسرة على الواو فسكّنت- إعلال بالتسكين- ونقلت حركتها إلى اللام قبلها، ثمّ قلبت الواو ياء لانكسار ما قبل الواو فأصبح مليم.
(143) المسبّحين: جمع المسبّح اسم فاعل من الرباعي سبّح وزنه مفعّل بضم الميم وكسر العين المشددة..
(145) العراء: اسم لوجه الأرض، جامد، والهمزة فيه منقلبة عن ياء أصله العراي لأنه من عري يعرى باب فرح، فلمّا تطرّفت الياء بعد ألف ساكنة، قلبت همزة.
(146) يقطين: اسم جامد لنبات القرع وزنه يفعيل بفتح الياء مأخوذ من قطن بالمكان إذا قام فيه لا يبرح.

الفوائد
- يونس صلى الله عليه وسلم والفلك:
قال ابن عباس ووهب: كان يونس- عليه الصلاة والسلام- وعد قومه العذاب، فتأخر العذاب عنهم، فخرج كالمستور منهم، فقصد البحر، فركب السفينة، فاحتبست السفينة، فقال الملّاحون: هاهنا عبد آبق من سيّده. فاقترعوا فوقعت على يونس ثلاث مرات، فقال: أنا الآبق، وزج نفسه في الماء. هذا ما قاله ابن عباس. ثمّ التقمه الحوت، وكان يسبح الله عز وجلّ ويذكره كثيرا. وقال ابن عباس: كان من المصلين. قال بعضهم: اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة. واختلفت الأقوال في مدة لبثه في بطن الحوت، فقيل: ثلاثة، وقيل: سبعة، وقيل: عشرين، وقيل: أربعين، وبعد أن لفظه الحوت أنبت الله عليه شجرة من يقطين (يعني القرع) ، وتختص هذه الشجرة بعدم اقتراب الذباب منها، ثم أرسله الله إلى مائة ألف أو يزيدون، أي بل يزيدون. وورد في الحديث أنهم يزيدون (عشرين ألفا) فآمنوا به.
روي عن أبي بن كعب- رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) عن قوله تعالى وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ قال: يزيدون عشرين ألفا. أخرجه الترمذي.
وقال: حديث حسن.
- (أو) :
تضاربت أقوال النحاة حول معنى (أو) في قوله تعالى: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ. وقد ذكر ابن هشام في المغنى هذا الخلاف، وأورد هذه الآراء. قال الفراء: المعنى (بل يزيدون) هكذا جاء في التفسير مع صحته في العربية، وقال بعض الكوفيين: بمعنى الواو، وللبصريين فيها أقوال: قيل: للإبهام، وقيل:
للتخيير، أي إذا رآهم الرائي تخير بين أن يقول: هم مائة ألف أو هم أكثر، نقله ابن الشجري عن سيبويه، وفي ثبوته عنه نظر، ولا يصح التخيير بين شيئين، الواقع أحدهما، وقيل: هي للشك مصروفا إلى الرائي، ذكره ابن جني، وأورد الإمام النسفي في التفسير قوله: (أو يزيدون) في مرأى الناظر، أي إذا رآهم الرائي قال: هم مائة ألف أو أكثر. وقال الزجاج: قال غير واحد: معناه بل يزيدون. قال ذلك الفراء وأبو عبيدة، ونقل عن ابن عباس كذلك، وهذا القول هو أظهر. هذه الأقوال والله أعلم.

إعراب الآية ١٤٧ من سورة الصافات النحاس

{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [147] قال أبو جعفر: قد ذكرتُ حديث ابن عباس أنه قال: كانت الرسالة بعدما نبذه الحوت وليس له طريق إلاّ عن شَهْرِ بنِ حَوْشَب،/ 204 أ/ وأجود منه إسناداً، وأصح ما حدثناه علي بن الحسين قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عمرو العنقري قال: حدثنا إسرائيل عن ابن إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: حدثنا عبدالله في بيت المال عن يونس النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنّ يونس صلى الله عليه وسلم وعَدَ قومه العَذَابَ، وأَخبَرَهُمْ أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام ففرقوا بَينَ كل والدة وَوَلدِهَا، وخَرجُوا وجاروا إلى الله جل وعز، واستغفروا فكفّ الله جل وعز عنهم العذاب، وهذا يونس صلى الله عليه وسلم ينتظر العذاب فلم يَرَ شيئاً. وكان من كذب ولم تكن له بينة قتل، فخرج يونس صلى الله عليه وسلم مغاضباً فأتى قوماً في سفينة فحملوه وعرفوه، فلما دخل السفينة ركدت السفينة، والسفن تسير يميناً وشمالاً، فقالوا: ما لسفينتكم؟ قالوا لا ندري فقال يونس صلى الله عليه: إن فيها عبداً آبقاً من ربه جلّ وعز وأنها لن تسير حتى تلقوه، قالوا: أما أنتَ يا نبيّ الله فأنّا لا نلقيك، قال: فاقتَرِعُوا فمن قُرعَ فَلْيَقَعْ فاقتَرَعُوا فَقَرَعَهُمْ يونسُ صلى الله عليه فأَبَوا أن يَدَعُوهُ قالوا: فاقترعُوا ثلاثاً فمن قُرِعَ فليقع فاقترعوا فقرعَهُمْ يونُسُ صلى الله عليه ثلاث مرات أو قال ثلاثاً فوقع. وقد وكل الله جل وعز به حوتاً فابتلعه فمر يهوي به إلى قرار الأرض فَسمَعَ يُونُسَ صلى الله عليه تسبيح الحصى فنادى في الظلمات أَنْ لا إله إلاّ أنت سبحانك أني كُنْتُ من الظالمين قال: [ظلمة الليلِ، وظُلمةُ البحرِ، وظُلمةُ بَطنِ الحُوتِ] قال: {فنبذناه بالعراء وهو سقيم} قال: كهيئة الفرخ المَمْعُوطِ الذي لَيسَ عليه ريشٌ قال: وأنبت الله جل وعز عليه شجرة من يقطين فنبتت، فكان يستظل بها، فيبست، فبكى عليها، فأوحى الله جل وعز إليه أتبكي على شجرةٍ يبست ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم؟ قال: وخرج يونس صلى الله عليه وسلم فإذا هو بغلام يرعى فقال: يا غلامُ مَنْ أَنتَ؟ قال: من قوم يونس قال: فإذا جئتَ إليهمْ فأخبرهم أنك قد لقيتَ يونس. قال له: إن كُنتَ يونس فقد عَلِمْت أنه مَنْ كَذَبَ قُتِلَ إذا لم يكن له بيّنةٌ فمن يشهد لي قال: هذه الشجرة وهذه البقعة قال: فَمُرْهُما فقال لهما يونس صلى الله عليه: إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا له قالتا: نعم فرجع الغلام إلى قومه، وكان في منعةٍ، وكان له إخوة فأتى الملك فقال: إنّي قد لقيتُ يونسَ، وهو يقرأ عليكم السلام قال: فأَمَرَ به أن يُقتلَ فقالوا: إنّ له بينة فأرسلوا معه فأتى الشجرة والبقعة فقال لهما: نشدتكما بالله جل وعز أشهِد كما يونس صلى الله عليه وسلم قالتا: نعم قال: فرجع القومُ مذعورين يقولون: شَهِدَتْ له الشجرة والأرض فأتوا الملك فأخبروه بما رأوا، قال عبدالله: فتناول الملك بيد الغلام فأجلسه في مجلسه فقال: أنتَ أَحقُّ بهذا المكان مِنّي قال عبدالله: فأقام لهم ذلك الغلام أمرهم أربعين سنة. فقد تبين في هذا الحديث أن يونس صلى الله عليه كان قد أرسل قَبلَ أن يلتقمه الحُوتُ بهذا الإِسناد الذي لا يؤخَذُ بالقياس. وفيه أيضاً من الفائدة أن قوم يونس صلى الله عليه آمنوا وندموا قبل أن يروا العَذَابَ لأن فيه أنه أَخبَرهُمْ أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيامٍ ففرقوا بَينَ كلّ والدة وولدها والفاء في اللغة تدلّ على أن الثاني يلي الأول فكان حكم الله جل وعز فيهم كحكمه في غيرهم في قوله جل وعز {فلم يَكُ ينفعهم إيمانُهُم لَمّا رأَوا بأسنَا}، وقال جل ثناؤه {ولَيست التوبةُ للذينَ يَعمَلونَ السّيئاتِ حتّى إذا حَضَرَ/ 204 ب/ أحَدَهُمُ الموت} الآية وقد قال بعض العلماء: إنهم رأوا مخايل العذاب فتابوا. قال أبو جعفر: وهذا لا يمتنع فأما قوله عز وجل {إلاّ قَومَ يُونُسَ} فهو استثناء ليس من الأول. وقد ذكرنا معنى "أَوْ يَزِيدُونَ"، وقول الفراء أنها بمعنى "بل"، وقول غيره أنها بمعنى الواو. وأنه لا يصحّ هذان القولان، لأن "بل" ليس هذا من مواضعها، لأنه للإِضراب عن الأول والإِيجاب لما بعده. وتعالى الله عز وجل عن ذلك أو الخروج من شيءٍ إلى شيءٍ، وليس هذا موضع ذلك. والواو معناها خلاف معنى "أو" فلو كانت إحداهما بمعنى الأخرى لبطلت المعاني، ولو جاز ذلك لكان وأرسلناه إلى أكثر من مائة ألف أَخَصَر، وفي الآية قولان سوى هذين: أحدهما أنّ المعنى وأرسلناه إلى جماعة لو رأيتموهم لقلتم هم مائة ألف أو أكثر، وإنما خُوطِبَ العباد على ما تعرفون، والقول الآخر أنه كما تقول: جاءني زيد أو عمرو، وأنت تعرف من جاءك منهما إلاّ أنك أبهمت على المُخَاطَبِ. وفي قراءة ابن مسعود {فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ حتى حِينٍ} [148] والمعنى واحد.

إعراب الآية ١٤٧ من سورة الصافات مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } "أو" هنا للإباحة أي: إن الناظر إليهم يباح له أن يَحْذَرهم بهذا القدر، أو بهذا القدر، وجملة "يزيدون" معطوفة على جملة "أرسلناه".