(نَحْنُ)
ضَمِيرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ مُبْتَدَأٌ.
(جَعَلْنَاهَا)
فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بِنَا الْفَاعِلِينَ، وَ(نَا) : ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ بِهِ أَوَّلُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ (نَحْنُ) :.
(تَذْكِرَةً)
مَفْعُولٌ بِهِ ثَانٍ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
(وَمَتَاعًا)
"الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ(مَتَاعًا) : مَعْطُوفٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
(لِلْمُقْوِينَ)
"اللَّامُ" حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَ(الْمُقْوِينَ) : اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ.
إعراب الآية ٧٣ من سورة الواقعة
{ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ( الواقعة: 73 ) }
﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا﴾: أعربت في الآية السابعة والخمسين.
وهو « نَحْنُ: ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محلّ رفع مبتدأ.
﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾: "خَلَقْنَا": خلق: فعل ماض مبنيّ على السكون، لاتصاله بضمير رفع متحرك.
و"نا": ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل».
و"ها": ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ مصب مفعول به أول.
﴿تَذْكِرَةً﴾: مفعول به ثان منصوب بالفتحة.
﴿وَمَتَاعًا﴾: معطوفة بالواو على "تذكرة" منصوب بالفتحة.
﴿لِلْمُقْوِينَ﴾: جار ومجرور متعلّقان بـ"جعلنا" أو بصفة محذوفة لـ"متاع"، وعلامة جرّ الاسم "الياء"؛ لأنَّه جمع مذكر.
وجملة "نحن جعلناها" لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها استئنافيّة.
وجملة "جعلناها" في محلّ رفع خبر المبتدأ "نحن".
﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا﴾: أعربت في الآية السابعة والخمسين.
وهو « نَحْنُ: ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محلّ رفع مبتدأ.
﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾: "خَلَقْنَا": خلق: فعل ماض مبنيّ على السكون، لاتصاله بضمير رفع متحرك.
و"نا": ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل».
و"ها": ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ مصب مفعول به أول.
﴿تَذْكِرَةً﴾: مفعول به ثان منصوب بالفتحة.
﴿وَمَتَاعًا﴾: معطوفة بالواو على "تذكرة" منصوب بالفتحة.
﴿لِلْمُقْوِينَ﴾: جار ومجرور متعلّقان بـ"جعلنا" أو بصفة محذوفة لـ"متاع"، وعلامة جرّ الاسم "الياء"؛ لأنَّه جمع مذكر.
وجملة "نحن جعلناها" لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها استئنافيّة.
وجملة "جعلناها" في محلّ رفع خبر المبتدأ "نحن".
إعراب الآية ٧٣ من سورة الواقعة مكتوبة بالتشكيل
﴿نَحْنُ﴾: ضَمِيرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ مُبْتَدَأٌ.
﴿جَعَلْنَاهَا﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بِنَا الْفَاعِلِينَ، وَ( نَا ) ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ بِهِ أَوَّلُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ ( نَحْنُ ).
﴿تَذْكِرَةً﴾: مَفْعُولٌ بِهِ ثَانٍ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَمَتَاعًا﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( مَتَاعًا ) مَعْطُوفٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿لِلْمُقْوِينَ﴾: "اللَّامُ" حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَ( الْمُقْوِينَ ) اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ.
﴿جَعَلْنَاهَا﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بِنَا الْفَاعِلِينَ، وَ( نَا ) ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ بِهِ أَوَّلُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ ( نَحْنُ ).
﴿تَذْكِرَةً﴾: مَفْعُولٌ بِهِ ثَانٍ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَمَتَاعًا﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( مَتَاعًا ) مَعْطُوفٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿لِلْمُقْوِينَ﴾: "اللَّامُ" حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَ( الْمُقْوِينَ ) اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ.
إعراب الآية ٧٣ من سورة الواقعة إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة الواقعة (56) : الآيات 57 الى 74]
نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (61)
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66)
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)
أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (72) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)
اللغة:
(تُمْنُونَ) أمنى يمني ومنى يمني: قذف المني في الرحم وهو النطفة، وقرأ ابن السماك تمنون بفتح التاء والأصل من المني وهو التقدير، قال الشاعر:
لا تأمنّ وإن أمسيت في حرم ... حتى تلاقي ما يمني لك الماني
ومنه المنية لأنها مقدّرة تأتي على مقدار وفي المختار: «وقد منى من باب رمى وأمنى أيضا» .
(قَدَّرْنا) بالتشديد والتخفيف قال:
ومفرهة عنس قدرت لساقها ... فخرت كما تتايع الريح بالقفل
والمعنى قدرت ضربي لساقها فضربتها فخرت، ومثله في المعنى:
وإن تعتذر بالمحلّ من ذي ضروعها ... على الضيف يجرح في عراقيبها نصلي
(حُطاماً) الحطام: الهشيم الذي لا ينتفع به في مطعم ولا غذاء وأصل الحطم الكسر، والحطم السوّاق بعنف يحطم بعضها على بعض، قال:
قد لفّها الليل بسواق حطم ... ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزار على ظهر وضم (تَفَكَّهُونَ) التفكّه أصله تناول ضروب الفواكه للأكل والفكاهة المزاح ومنه حديث زيد: كان من أفكه الناس مع أهله، ورجل فكه طيب النفس، وقد استعير هنا للتنقل في الحديث، وقيل معناه تندمون، وحقيقته تلقون الفكاهة عن أنفسكم ولا تلقى الفكاهة إلا من الحزن فهو من باب تحرّج وتأثم، وقيل تفكهون: تعجبون وقيل تتلاومون وقيل تتفجعون وكله من باب التفسير باللازم. (لَمُغْرَمُونَ) جمع مغرم، والمغرم هو الذي ذهب ماله بغير عوض وأصل الباب اللزوم والغرام العذاب اللازم قال الأعشى:
إن يعاقب يكن غراما وإن يع ... ط جزيلا فإنه لا يبالي
(تُورُونَ) الإيراء إظهار النار بالقدح يقال أورى يوري ووريت بك زنادي أي أضاء بك أمري ويقال: قدح فأورى إذا ظهرت النار فإذا لم يور يقال قدح فأكبى، وفي المصباح: «ورى الزند يري وريا من باب وعى وفي لغة وري يري بكسرهما وأورى بالألف وذلك إذا أخرج ناره» وفي المختار: «وأوراه غيره أخرج ناره» وفي معاجم اللغة: تستخرجون النار من الزناد وهو جمع زند والزند العود الذي يقدح به النار وهو الأعلى والزندة السفلى فيها ثقب وهي الأنثى فإذا اجتمعتا قيل زندان والجمع زناد والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما على الآخر.
(الْمُزْنِ) السحاب جمع مزنة وفي القاموس: «المزن بالضم السحاب أو أبيضه أو ذو الماء، القطعة مزنة» .
(أُجاجاً) في المختار: «ماء أجاج مرّ شديد الملوحة، وقد أجّ الماء يؤج أجوجا بالضم» .
(لِلْمُقْوِينَ) للمسافرين أي جعلناها ينتفع بها المسافرون وخصّوا بالذكر لأن منفعتهم بها أكثر من المقيمين، وقال قطرب: «المقوي من الأضداد يقال للفقير مقو لخلوّه من المال ويقال للغني مقو لقوته على ما يريده» وقيل المقوي النازل بالقواء من الأرض ليس بها أحد وأقوت الدار خلت من أهلها، قال النابغة:
أقوى وأقفر من نعم وغيّرها ... هوج الرياح بهابي الترب موار
وقال عنترة:
حييت من طلل تقادم عهده ... أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
الإعراب:
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ) نحن مبتدأ وجملة خلقناكم خبر والفاء حرف عطف ولولا حرف تحضيض وتصدقون فعل مضارع مرفوع والواو فاعله (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة ورأيتم فعل ماض وفاعله ومعناه أخبروني وما اسم موصول بمعنى الذي مفعول رأيتم الأول وجملة تمنون صلة (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) الجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني لرأيتم وأنتم مبتدأ وجملة تخلقونه خبر ويجوز إعراب أنتم فاعلا لفعل مقدّر أي أتخلقونه أنتم فلما حذف الفعل لدلالة ما بعده عليه انفصل الضمير وهو من باب الاشتغال ولعله من جهة القواعد أمكن لأجل أداة الاستفهام وأم حرف عطف وهي منقطعة لأن بعدها جملة والمنقطعة تقدّر ببل وهمزة الاستفهام فيكون الكلام مشتملا على استفهامين الأول أأنتم تخلقونه وجوابه لا والثاني مأخوذ من أم أي بل نحن الخالقون وجوابه نعم، ويجوز أن تكون أم متصلة فهي معادلة ويؤيد هذا الوجه أن الكلام يئول إلى أي الأمرين واقع والجملة بعدها في تأويل المفرد، ونحن مبتدأ والخالقون خبر (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)
نحن مبتدأ وجملة قدرنا خبر وقدرنا فعل وفاعل والظرف متعلق بقدرنا والموت مفعول به أي أوجبناه وكتبناه عليكم والواو عاطفة أو اعتراضية وما نافية حجازية ونحن اسمها والباء حرف جر زائد ومسبوقين مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر ما (عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ)
على حرف جر وأن نبدل في تأويل مصدر مجرور بعلى والجار والمجرور متعلقان بمسبوقين أي ولم يسبقنا أحد على تبديلنا أمثالكم ويجوز تعليقهما بقدّرنا بينكم أي قدّرنا بينكم الموت على أن نبدل أي يموت أناس ويخلفهم أناس آخرون فتكون جملة وما نحن بمسبوقين اعتراضية، وننشئكم عطف على نبدل وفيما متعلقان بننشئكم وجملة لا تعلمون صلة أي ننشئكم في صور لا تعلمونها من الحيوانات الممتهنة المرتطمة بالأقذار كالقردة والخنازير (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ) الواو استئنافية واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وعلمتم فعل وفاعل والنشأة مفعول به والأولى نعت، فلولا: الفاء عاطفة ولولا حرف تحضيض وتذكرون فعل مضارع وفاعل (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) تقدم إعراب نظيرها فجدد به عهدا (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) لو شرطية ونشاء فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن واللام واقعة في جواب لو وجعلناه فعل وفاعل ومفعول به وحطاما مفعول جعل الثاني والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم وظلتم فعل ماض ناقص وأصله ظللتم بكسر اللام حذفت العين تخفيفا والتاء اسمها وجملة تفكهون خبرها وتفكهون فعل مضارع حذفت منه إحدى تاءيه (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) إن واسمها واللام المزحلقة ومغرمون خبرها وجملة إن واسمها وخبرها مقول قول محذوف في محل نصب على الحال تقديره فظللتم تفكهون قائلين أو تقولون إنّا لمغرمون أي لملزمون غرامة ما أنفقنا أو مهلكون لهلاك رزقنا (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) بل حرف إضراب وعطف ونحن مبتدأ ومحرومون خبر والجملة معطوفة على سابقتها (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) تقدم إعراب نظيرها والذي صفة للماء وجملة تشربون صلة والعائد محذوف (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) تقدم إعرابها، وسيأتي سر حذف اللام في هذه الآية وذكرها في الآية الأولى في باب البلاغة (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) تقدم إعراب نظيرها (نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) نحن مبتدأ وجملة جعلناها خبر وتذكرة مفعول به ثان ومتاعا عطف على تذكرة وللمقوين متعلقان بمتاعا أو صفة له (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) الفاء الفصيحة أي إن عرفت هذه العوارف والآلاء الباهرة فسبّح، وسبّح فعل أمر وفاعله أنت وباسم متعلق بسبّح أو بمحذوف حال أي متبركا وقيل اسم مقحم والعظيم صفة لربك.
البلاغة:
1- في الآيات الآنفة الذكر فن صحة الأقسام وقد سبق ذكره في هذا الكتاب وأنه عبارة عن استيفاء المتكلم جميع الأقسام للمعنى المذكور الآخذ فيه بحيث لا يغادر منه شيئا، فقد عدل عن لفظ الحرمان والمنع إلى لفظ هو ردفه وتابعه وهو لفظ الجعل إذ قال «أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاما» وكذلك جاء لفظ الاعتداد بالماء حيث قال «لو نشاء جعلناه أجاجا» بلفظ الجعل عند ذكر الحرمان وما هو في معناه وجاء العطاء بلفظ الزرع في الحرث وفي الماء بلفظ الإنزال، فإن قيل: لم أكد الفعل باللام في قوله في الزرع: «لو نشاء لجعلناه حطاما» ولم يؤكده في الماء حيث قال: (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) ؟ قلت: لأن الزرع ونباته وجفافه بعد النضارة حتى يعود حطاما فما يحتمل أن يتوهم أنه من فعل الزراع ولهذا قال سبحانه:
«أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون» أو يتوهم أن خصبه من سقي الماء وأن جفافه من حرارة الشمس وعدم السقي أو تواتر مرور الإعصار فأخبر سبحانه أنه الفاعل لذلك كله على الحقيقة وأنه قادر على جعله لو شاء حطاما في حالة نموّه وزمن شبيبته ونضارته فلما كان هذا التوهم محتملا أوجبت البلاغة توكيد فعل الجعل فيه وإسناده لزارعه على الحقيقة ومنشئه لرفع هذا التوهم، ولما كان إنزال الماء من السماء محالا بما لا يتطرق احتمال توهم متوهم أن أحدا من جميع الخلق قادر عليه لم يحتج إلى توكيد الفعل في جعله أجاجا فإنه لا يمكن أن يتوهم أحد أن أحدا ينزل الماء من السماء أجاجا ولا عذبا الذي هو أسهل من الأول وأهون.
وعبارة الزمخشري في هذا الصدد هذا نصها: «فإن قلت لم أدخلت اللام على جواب لو في قوله لجعلناه حطاما ونزعت منه هاهنا؟
قلت: إن لو لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعلق الجزاء بالشرط ولم تكن مخلصة للشرط كإن ولا عاملة مثلها وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقا من حيث إفادتها في مضموني جملتيهما أن الثاني امتنع لامتناع الأول افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علما على هذا التعلق فزيدت هذه اللام لتكون علما على ذلك، فإذا حذفت بعد ما صارت علما مشهورا مكانه فلأن الشيء إذا علم وشهر موقعه وصار مألوفا ومأنوسا به لم يبال بإسقاطه عن اللفظ استغناء بمعرفة السامع، ألا ترى إلى ما يحكى عن رؤبة أنه كان يقول خير لمن قال له: كيف أصبحت؟ فحذف الجار لعلم كل أحد بمكانه وتساوي حالي حذفه وإثباته لشهرة أمره وناهيك بقول أوس:
حتى إذا الكلّاب قال لها ... كاليوم مطلوبا ولا طلبا»
أقول وفي بيت أوس بن حجر أو للنمر بن تولب حذف لا يستقيم إلا به أي قال لها لم أنظر كاليوم مطلوبا والضمير لكلبة الصيد والكلّاب معلّم الكلاب أو الصياد أي ليس المطلوب والطلب في هذا اليوم مثلها في غيره بل أعظم، ثم يتابع الزمخشري: «ويجوز أن يقال إن هذه اللام مفيدة معنى التوكيد لا محالة فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب للدلالة على أن أمر المطعوم مقدّم على أمر المشروب وأن الوعيد بفقده أشدّ وأصعب من قبل أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعا للمطعوم، ألا ترى أنك إنما تسقي ضيفك بعد أن تطعمه ولو عكست قعدت تحت قول أبي العلاء: إذا سقيت ضيوف الناس محضا ... سقوا أضيافهم شبما زلالا
وسقي بعض العرب فقال أنا لا أشرب إلا على ثميلة، ولهذا قدّمت آية المطعوم على آية المشروب» والثميلة: اللبن الخالص.
ونعود إلى بيت أبي العلاء فنقول هو من قصيدة يمدح بها سعد الدولة أبا الفضائل، وعيب عليه حيث مدح بسقي الضيوف الماء قبل ذكر الطعام والمخض اللبن المنزوع زبده فهو بمعنى الممخوض ويروي محضا بالحاء المهملة أي خالصا حلوا أو حامضا والشبم البارد والزلال العذب.
هذا وحيث جعل علماء البلاغة للمقام مدخلا في الدلالة على المراد نقول إن معنى البيت إذا عجّلت الناس اللبن لأضيافهم واكتفوا به عن الإسراع بالطعام عجّلوا هم بالطعام لاستعدادهم للضيفان فيحتاجون لشرب الماء فيسقونهم ماء قبل إطعام غيرهم الضيفان فسقيهم الماء يفيد تعجيل الطعام قبله بمعونة المقام لأنه يلزمه عادة فلا عيب فيه.
2- وفي هذه الآيات أيضا فن التسهيم وهو أن يكون ما تقدم من الكلام دليلا على ما يتأخر منه أو بالعكس، فقوله «أفرأيتم ما تحرثون» إلى قوله «أفرأيتم النار التي تورون» تقتضي أوائل هذه الآيات أن أواخرها اقتضاء لفظيا ومعنويا كما ائتلفت الألفاظ فيها بمعانيها المجاورة الملائم بالملائم والمناسب بالمناسب لأن ذكر الحرث يلائم ذكر الزرع والاعتداد بكونه سبحانه لم يجعله حطاما ملائم لحصول التفكّه به وعلى هذه الآية يقاس نظم أختها.
نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (61)
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66)
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)
أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (72) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)
اللغة:
(تُمْنُونَ) أمنى يمني ومنى يمني: قذف المني في الرحم وهو النطفة، وقرأ ابن السماك تمنون بفتح التاء والأصل من المني وهو التقدير، قال الشاعر:
لا تأمنّ وإن أمسيت في حرم ... حتى تلاقي ما يمني لك الماني
ومنه المنية لأنها مقدّرة تأتي على مقدار وفي المختار: «وقد منى من باب رمى وأمنى أيضا» .
(قَدَّرْنا) بالتشديد والتخفيف قال:
ومفرهة عنس قدرت لساقها ... فخرت كما تتايع الريح بالقفل
والمعنى قدرت ضربي لساقها فضربتها فخرت، ومثله في المعنى:
وإن تعتذر بالمحلّ من ذي ضروعها ... على الضيف يجرح في عراقيبها نصلي
(حُطاماً) الحطام: الهشيم الذي لا ينتفع به في مطعم ولا غذاء وأصل الحطم الكسر، والحطم السوّاق بعنف يحطم بعضها على بعض، قال:
قد لفّها الليل بسواق حطم ... ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزار على ظهر وضم (تَفَكَّهُونَ) التفكّه أصله تناول ضروب الفواكه للأكل والفكاهة المزاح ومنه حديث زيد: كان من أفكه الناس مع أهله، ورجل فكه طيب النفس، وقد استعير هنا للتنقل في الحديث، وقيل معناه تندمون، وحقيقته تلقون الفكاهة عن أنفسكم ولا تلقى الفكاهة إلا من الحزن فهو من باب تحرّج وتأثم، وقيل تفكهون: تعجبون وقيل تتلاومون وقيل تتفجعون وكله من باب التفسير باللازم. (لَمُغْرَمُونَ) جمع مغرم، والمغرم هو الذي ذهب ماله بغير عوض وأصل الباب اللزوم والغرام العذاب اللازم قال الأعشى:
إن يعاقب يكن غراما وإن يع ... ط جزيلا فإنه لا يبالي
(تُورُونَ) الإيراء إظهار النار بالقدح يقال أورى يوري ووريت بك زنادي أي أضاء بك أمري ويقال: قدح فأورى إذا ظهرت النار فإذا لم يور يقال قدح فأكبى، وفي المصباح: «ورى الزند يري وريا من باب وعى وفي لغة وري يري بكسرهما وأورى بالألف وذلك إذا أخرج ناره» وفي المختار: «وأوراه غيره أخرج ناره» وفي معاجم اللغة: تستخرجون النار من الزناد وهو جمع زند والزند العود الذي يقدح به النار وهو الأعلى والزندة السفلى فيها ثقب وهي الأنثى فإذا اجتمعتا قيل زندان والجمع زناد والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما على الآخر.
(الْمُزْنِ) السحاب جمع مزنة وفي القاموس: «المزن بالضم السحاب أو أبيضه أو ذو الماء، القطعة مزنة» .
(أُجاجاً) في المختار: «ماء أجاج مرّ شديد الملوحة، وقد أجّ الماء يؤج أجوجا بالضم» .
(لِلْمُقْوِينَ) للمسافرين أي جعلناها ينتفع بها المسافرون وخصّوا بالذكر لأن منفعتهم بها أكثر من المقيمين، وقال قطرب: «المقوي من الأضداد يقال للفقير مقو لخلوّه من المال ويقال للغني مقو لقوته على ما يريده» وقيل المقوي النازل بالقواء من الأرض ليس بها أحد وأقوت الدار خلت من أهلها، قال النابغة:
أقوى وأقفر من نعم وغيّرها ... هوج الرياح بهابي الترب موار
وقال عنترة:
حييت من طلل تقادم عهده ... أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
الإعراب:
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ) نحن مبتدأ وجملة خلقناكم خبر والفاء حرف عطف ولولا حرف تحضيض وتصدقون فعل مضارع مرفوع والواو فاعله (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة ورأيتم فعل ماض وفاعله ومعناه أخبروني وما اسم موصول بمعنى الذي مفعول رأيتم الأول وجملة تمنون صلة (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) الجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني لرأيتم وأنتم مبتدأ وجملة تخلقونه خبر ويجوز إعراب أنتم فاعلا لفعل مقدّر أي أتخلقونه أنتم فلما حذف الفعل لدلالة ما بعده عليه انفصل الضمير وهو من باب الاشتغال ولعله من جهة القواعد أمكن لأجل أداة الاستفهام وأم حرف عطف وهي منقطعة لأن بعدها جملة والمنقطعة تقدّر ببل وهمزة الاستفهام فيكون الكلام مشتملا على استفهامين الأول أأنتم تخلقونه وجوابه لا والثاني مأخوذ من أم أي بل نحن الخالقون وجوابه نعم، ويجوز أن تكون أم متصلة فهي معادلة ويؤيد هذا الوجه أن الكلام يئول إلى أي الأمرين واقع والجملة بعدها في تأويل المفرد، ونحن مبتدأ والخالقون خبر (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)
نحن مبتدأ وجملة قدرنا خبر وقدرنا فعل وفاعل والظرف متعلق بقدرنا والموت مفعول به أي أوجبناه وكتبناه عليكم والواو عاطفة أو اعتراضية وما نافية حجازية ونحن اسمها والباء حرف جر زائد ومسبوقين مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر ما (عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ)
على حرف جر وأن نبدل في تأويل مصدر مجرور بعلى والجار والمجرور متعلقان بمسبوقين أي ولم يسبقنا أحد على تبديلنا أمثالكم ويجوز تعليقهما بقدّرنا بينكم أي قدّرنا بينكم الموت على أن نبدل أي يموت أناس ويخلفهم أناس آخرون فتكون جملة وما نحن بمسبوقين اعتراضية، وننشئكم عطف على نبدل وفيما متعلقان بننشئكم وجملة لا تعلمون صلة أي ننشئكم في صور لا تعلمونها من الحيوانات الممتهنة المرتطمة بالأقذار كالقردة والخنازير (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ) الواو استئنافية واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وعلمتم فعل وفاعل والنشأة مفعول به والأولى نعت، فلولا: الفاء عاطفة ولولا حرف تحضيض وتذكرون فعل مضارع وفاعل (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) تقدم إعراب نظيرها فجدد به عهدا (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) لو شرطية ونشاء فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره نحن واللام واقعة في جواب لو وجعلناه فعل وفاعل ومفعول به وحطاما مفعول جعل الثاني والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم وظلتم فعل ماض ناقص وأصله ظللتم بكسر اللام حذفت العين تخفيفا والتاء اسمها وجملة تفكهون خبرها وتفكهون فعل مضارع حذفت منه إحدى تاءيه (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) إن واسمها واللام المزحلقة ومغرمون خبرها وجملة إن واسمها وخبرها مقول قول محذوف في محل نصب على الحال تقديره فظللتم تفكهون قائلين أو تقولون إنّا لمغرمون أي لملزمون غرامة ما أنفقنا أو مهلكون لهلاك رزقنا (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) بل حرف إضراب وعطف ونحن مبتدأ ومحرومون خبر والجملة معطوفة على سابقتها (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) تقدم إعراب نظيرها والذي صفة للماء وجملة تشربون صلة والعائد محذوف (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) تقدم إعرابها، وسيأتي سر حذف اللام في هذه الآية وذكرها في الآية الأولى في باب البلاغة (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) تقدم إعراب نظيرها (نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) نحن مبتدأ وجملة جعلناها خبر وتذكرة مفعول به ثان ومتاعا عطف على تذكرة وللمقوين متعلقان بمتاعا أو صفة له (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) الفاء الفصيحة أي إن عرفت هذه العوارف والآلاء الباهرة فسبّح، وسبّح فعل أمر وفاعله أنت وباسم متعلق بسبّح أو بمحذوف حال أي متبركا وقيل اسم مقحم والعظيم صفة لربك.
البلاغة:
1- في الآيات الآنفة الذكر فن صحة الأقسام وقد سبق ذكره في هذا الكتاب وأنه عبارة عن استيفاء المتكلم جميع الأقسام للمعنى المذكور الآخذ فيه بحيث لا يغادر منه شيئا، فقد عدل عن لفظ الحرمان والمنع إلى لفظ هو ردفه وتابعه وهو لفظ الجعل إذ قال «أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاما» وكذلك جاء لفظ الاعتداد بالماء حيث قال «لو نشاء جعلناه أجاجا» بلفظ الجعل عند ذكر الحرمان وما هو في معناه وجاء العطاء بلفظ الزرع في الحرث وفي الماء بلفظ الإنزال، فإن قيل: لم أكد الفعل باللام في قوله في الزرع: «لو نشاء لجعلناه حطاما» ولم يؤكده في الماء حيث قال: (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) ؟ قلت: لأن الزرع ونباته وجفافه بعد النضارة حتى يعود حطاما فما يحتمل أن يتوهم أنه من فعل الزراع ولهذا قال سبحانه:
«أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون» أو يتوهم أن خصبه من سقي الماء وأن جفافه من حرارة الشمس وعدم السقي أو تواتر مرور الإعصار فأخبر سبحانه أنه الفاعل لذلك كله على الحقيقة وأنه قادر على جعله لو شاء حطاما في حالة نموّه وزمن شبيبته ونضارته فلما كان هذا التوهم محتملا أوجبت البلاغة توكيد فعل الجعل فيه وإسناده لزارعه على الحقيقة ومنشئه لرفع هذا التوهم، ولما كان إنزال الماء من السماء محالا بما لا يتطرق احتمال توهم متوهم أن أحدا من جميع الخلق قادر عليه لم يحتج إلى توكيد الفعل في جعله أجاجا فإنه لا يمكن أن يتوهم أحد أن أحدا ينزل الماء من السماء أجاجا ولا عذبا الذي هو أسهل من الأول وأهون.
وعبارة الزمخشري في هذا الصدد هذا نصها: «فإن قلت لم أدخلت اللام على جواب لو في قوله لجعلناه حطاما ونزعت منه هاهنا؟
قلت: إن لو لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعلق الجزاء بالشرط ولم تكن مخلصة للشرط كإن ولا عاملة مثلها وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقا من حيث إفادتها في مضموني جملتيهما أن الثاني امتنع لامتناع الأول افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علما على هذا التعلق فزيدت هذه اللام لتكون علما على ذلك، فإذا حذفت بعد ما صارت علما مشهورا مكانه فلأن الشيء إذا علم وشهر موقعه وصار مألوفا ومأنوسا به لم يبال بإسقاطه عن اللفظ استغناء بمعرفة السامع، ألا ترى إلى ما يحكى عن رؤبة أنه كان يقول خير لمن قال له: كيف أصبحت؟ فحذف الجار لعلم كل أحد بمكانه وتساوي حالي حذفه وإثباته لشهرة أمره وناهيك بقول أوس:
حتى إذا الكلّاب قال لها ... كاليوم مطلوبا ولا طلبا»
أقول وفي بيت أوس بن حجر أو للنمر بن تولب حذف لا يستقيم إلا به أي قال لها لم أنظر كاليوم مطلوبا والضمير لكلبة الصيد والكلّاب معلّم الكلاب أو الصياد أي ليس المطلوب والطلب في هذا اليوم مثلها في غيره بل أعظم، ثم يتابع الزمخشري: «ويجوز أن يقال إن هذه اللام مفيدة معنى التوكيد لا محالة فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب للدلالة على أن أمر المطعوم مقدّم على أمر المشروب وأن الوعيد بفقده أشدّ وأصعب من قبل أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعا للمطعوم، ألا ترى أنك إنما تسقي ضيفك بعد أن تطعمه ولو عكست قعدت تحت قول أبي العلاء: إذا سقيت ضيوف الناس محضا ... سقوا أضيافهم شبما زلالا
وسقي بعض العرب فقال أنا لا أشرب إلا على ثميلة، ولهذا قدّمت آية المطعوم على آية المشروب» والثميلة: اللبن الخالص.
ونعود إلى بيت أبي العلاء فنقول هو من قصيدة يمدح بها سعد الدولة أبا الفضائل، وعيب عليه حيث مدح بسقي الضيوف الماء قبل ذكر الطعام والمخض اللبن المنزوع زبده فهو بمعنى الممخوض ويروي محضا بالحاء المهملة أي خالصا حلوا أو حامضا والشبم البارد والزلال العذب.
هذا وحيث جعل علماء البلاغة للمقام مدخلا في الدلالة على المراد نقول إن معنى البيت إذا عجّلت الناس اللبن لأضيافهم واكتفوا به عن الإسراع بالطعام عجّلوا هم بالطعام لاستعدادهم للضيفان فيحتاجون لشرب الماء فيسقونهم ماء قبل إطعام غيرهم الضيفان فسقيهم الماء يفيد تعجيل الطعام قبله بمعونة المقام لأنه يلزمه عادة فلا عيب فيه.
2- وفي هذه الآيات أيضا فن التسهيم وهو أن يكون ما تقدم من الكلام دليلا على ما يتأخر منه أو بالعكس، فقوله «أفرأيتم ما تحرثون» إلى قوله «أفرأيتم النار التي تورون» تقتضي أوائل هذه الآيات أن أواخرها اقتضاء لفظيا ومعنويا كما ائتلفت الألفاظ فيها بمعانيها المجاورة الملائم بالملائم والمناسب بالمناسب لأن ذكر الحرث يلائم ذكر الزرع والاعتداد بكونه سبحانه لم يجعله حطاما ملائم لحصول التفكّه به وعلى هذه الآية يقاس نظم أختها.
إعراب الآية ٧٣ من سورة الواقعة التبيان في إعراب القرآن
هذه الآية لا يوجد لها إعراب
إعراب الآية ٧٣ من سورة الواقعة الجدول في إعراب القرآن
[سورة الواقعة (56) : الآيات 71 الى 74]
أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (72) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)
الإعراب
(أفرأيتم ... المنشئون) مثل أفرأيتم ... الخالقون (تذكرة) مفعول به ثان منصوب (للمقوين) متعلّق ب (متاعا) ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (باسم) متعلّق بحال من فاعل سبّح ...
وجملة: «نحن جعلناها ... » لا محلّ لها استئناف بياني
(4) في الآيتين (58، 59) من السورة مفردات وجملا. وجملة: «جعلناها ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (نحن) وجملة: «سبّح ... » جواب شرط مقدّر أي: إن كانت قدرة الله في الخلق والإنشاء والتنظيم كما ذكر فسبّح باسم
الصرف
(71) تورون: فيه إعلال بالحذف بعد الإعلال بالتسكين ... أصله توريون- بياء بعد الراء- ثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة إلى الراء قبلها- إعلال بالتسكين- ثمّ حذفت الياء لالتقاء الساكنين فأصبح تورون- إعلال بالحذف- وزنه تفعون.
(72) المنشئون: جمع المنشئ، اسم فاعل من الرباعيّ أنشأ، وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين (73) المقوين: جمع المقوي بمعنى المسافر الذي ينزل بالقوى أو القواء بكسر القاف في كليهما، وهي الأرض الخالية البعيدة عن العمران، اسم فاعل من الرباعيّ أقوى ... فيه إعلال بالحذف أصله المقويين- بياءين- التقى ساكنان حذفت الياء لام الكلمة فأصبح المقوين، وزنه المفعين ...
أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (72) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)
الإعراب
(أفرأيتم ... المنشئون) مثل أفرأيتم ... الخالقون (تذكرة) مفعول به ثان منصوب (للمقوين) متعلّق ب (متاعا) ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (باسم) متعلّق بحال من فاعل سبّح ...
وجملة: «نحن جعلناها ... » لا محلّ لها استئناف بياني
(4) في الآيتين (58، 59) من السورة مفردات وجملا. وجملة: «جعلناها ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (نحن) وجملة: «سبّح ... » جواب شرط مقدّر أي: إن كانت قدرة الله في الخلق والإنشاء والتنظيم كما ذكر فسبّح باسم
الصرف
(71) تورون: فيه إعلال بالحذف بعد الإعلال بالتسكين ... أصله توريون- بياء بعد الراء- ثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة إلى الراء قبلها- إعلال بالتسكين- ثمّ حذفت الياء لالتقاء الساكنين فأصبح تورون- إعلال بالحذف- وزنه تفعون.
(72) المنشئون: جمع المنشئ، اسم فاعل من الرباعيّ أنشأ، وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين (73) المقوين: جمع المقوي بمعنى المسافر الذي ينزل بالقوى أو القواء بكسر القاف في كليهما، وهي الأرض الخالية البعيدة عن العمران، اسم فاعل من الرباعيّ أقوى ... فيه إعلال بالحذف أصله المقويين- بياءين- التقى ساكنان حذفت الياء لام الكلمة فأصبح المقوين، وزنه المفعين ...
إعراب الآية ٧٣ من سورة الواقعة النحاس
{نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً..} [73] مفعولان أي ذات تذكرة {وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ} روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: المُقوونَ المسافرون، وقال ابن زيد: المُقوِي الجائع. قال أبو جعفر: أصل هذا من أقوتِ الدار أي خلت، كما قال:
حُييتَ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ * أقوَى وأقفَرَ بَعدَ أُمّ الهيثَم
ويقال: أقوى اذا نزل بالقيّ أي الأرض الخالية، وأقوَى إذا قَوِيَ أصحابه أي خَلَوْا من الضعف.
إعراب الآية ٧٣ من سورة الواقعة مشكل إعراب القرآن للخراط
{ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ }
جملة "نحن جعلناها" مستأنفة، و"تذكرة" مفعول ثان، الجار "للمقوين" متعلق بنعت لمتاعا.
جملة "نحن جعلناها" مستأنفة، و"تذكرة" مفعول ثان، الجار "للمقوين" متعلق بنعت لمتاعا.