(لِيُحِقَّ)
"اللَّامُ" حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَ(يُحِقَّ) : فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ".
(الْحَقَّ)
مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
(وَيُبْطِلَ)
"الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ(يُبْطِلَ) : فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَعْطُوفٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ".
(الْبَاطِلَ)
مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
(وَلَوْ)
"الْوَاوُ" حَرْفُ حَالٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ(لَوْ) : حَرْفُ شَرْطٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
(كَرِهَ)
فِعْلٌ مَاضٍ فِعْلُ الشَّرْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ.
(الْمُجْرِمُونَ)
فَاعِلٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الْوَاوُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ حَالٌ.
إعراب الآية ٨ من سورة الأنفال
{ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ( الأنفال: 8 ) }
﴿لِيُحِقَّ﴾: اللام: لام التعليل.
يحق: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل: هو، أي: الله.
﴿الْحَقَّ﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
﴿وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ﴾: الواو: حرف عطف.
يبطل الباطل: مثل "يحق الحق" ومعطوف عليه.
﴿وَلَوْ﴾: الواو: حالية.
لو: حرف شرط غير جازم.
﴿كَرِهَ﴾: فعل ماض مبني على الفتح.
﴿الْمُجْرِمُونَ﴾: فاعل مرفوع، وعلامة الرفع الواو.
والمصدر المؤول من "أن يحق" في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره: أمركم بالقتال.
وجملة "يحق الحق" لا محل لها من الإعراب، لأنها صلة الموصول الحرفي "أن" المضمر.
وجملة "يبطل" لا محل لها من الإعراب، لأنها معطوفة على جملة "يحق".
وجملة "كره المجرمون" في محل نصب حال من مفعول الأمر والرابط مقدر أي ولو كره المجرمون ذلك.
﴿لِيُحِقَّ﴾: اللام: لام التعليل.
يحق: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل: هو، أي: الله.
﴿الْحَقَّ﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
﴿وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ﴾: الواو: حرف عطف.
يبطل الباطل: مثل "يحق الحق" ومعطوف عليه.
﴿وَلَوْ﴾: الواو: حالية.
لو: حرف شرط غير جازم.
﴿كَرِهَ﴾: فعل ماض مبني على الفتح.
﴿الْمُجْرِمُونَ﴾: فاعل مرفوع، وعلامة الرفع الواو.
والمصدر المؤول من "أن يحق" في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره: أمركم بالقتال.
وجملة "يحق الحق" لا محل لها من الإعراب، لأنها صلة الموصول الحرفي "أن" المضمر.
وجملة "يبطل" لا محل لها من الإعراب، لأنها معطوفة على جملة "يحق".
وجملة "كره المجرمون" في محل نصب حال من مفعول الأمر والرابط مقدر أي ولو كره المجرمون ذلك.
إعراب الآية ٨ من سورة الأنفال مكتوبة بالتشكيل
﴿لِيُحِقَّ﴾: "اللَّامُ" حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَ( يُحِقَّ ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ".
﴿الْحَقَّ﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَيُبْطِلَ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( يُبْطِلَ ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَعْطُوفٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ".
﴿الْبَاطِلَ﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَلَوْ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ حَالٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( لَوْ ) حَرْفُ شَرْطٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿كَرِهَ﴾: فِعْلٌ مَاضٍ فِعْلُ الشَّرْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ.
﴿الْمُجْرِمُونَ﴾: فَاعِلٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الْوَاوُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ حَالٌ.
﴿الْحَقَّ﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَيُبْطِلَ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( يُبْطِلَ ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَعْطُوفٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ".
﴿الْبَاطِلَ﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَلَوْ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ حَالٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( لَوْ ) حَرْفُ شَرْطٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿كَرِهَ﴾: فِعْلٌ مَاضٍ فِعْلُ الشَّرْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ.
﴿الْمُجْرِمُونَ﴾: فَاعِلٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الْوَاوُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ حَالٌ.
إعراب الآية ٨ من سورة الأنفال إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة الأنفال (8) : الآيات 5 الى 9]
كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (5) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8) إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)
اللغة:
(الشَّوْكَةِ) للشوكة معان كثيرة وهي هنا بمعنى البأس والقوة والسلاح، وحدته على أن جميع معانيها ترجع الى معنى التفوق والظهور والغلبة، ومن معانيها إبرة العقرب، وحمرة تعلو الجسد، والنكاية في العدوّ، يقال: لا تشوكك مني شوكة، أي لا يلحقك مني أذى.
وشوكة الحائك: الآلة التي يسوّى بها السدى واللحمة، ويقال:
شاكت إصبعه شوكة، وشوّكت النخلة: خرج شوكها، وشوكت الحائط: جعلت عليه الشوك، ومن المجاز: شوّك الزرع وزرع مشوّك إذا خرج أوله، وشوّك ثدي الجارية وتشوّك: إذا بدأ خروجه.
قال:
أحببت هذي قديما وهي ماشية ... وما تشوّك ثدياها وما نهدا
وإذا استعرضنا مادة الشين والواو فاء وعينا للكلمة وجدنا خاصة عجيبة لها كأنها قد وضعت خاصة لمعاني الظهور والتأثير والارتفاع والتفوق، فالشوب: خلط الشيء بغيره بحيث يؤثر فيه، يقال: شاب العسل بالماء وكأن ريقتها خمر يشوبها عسل، ولهم المشاجب والمشاوب وهي أسفاط وحقق تتحذ من الخوص، وشوّرت به فتشوّر ومنه قيل: أبدى الله شوارك أي عورتك، وفي حديث الزّبّاء: أشوار عروس ترى؟ وهذا من عجيب أمر لغتنا العربية الشريفة فافهم وتدبر.
الإعراب:
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ) كما يجوز أن تكون الكاف بمعنى مثل ومحلها الرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذه الحال كحال اخراجك، ويجوز أن تكون حرفا جارا، ومحل الجار والمجرور الرفع كما تقدّم والمعنى: ان حالهم في كراهة ما رأيت من تنفيل الغزاة مثل حالهم في كراهة خروجك للحرب، ويجوز أن يكون محلها النصب على أنها صفة لمصدر الفعل المقدر في قوله: الأنفال لله والرسول، أي الأنفال استقرت لله والرسول وثبتت مع كراهتهم ثباتا مثل ثبات إخراج ربك إياك من بيتك وهم كارهون. وقد توسّع المعربون القدامى في التقدير والتأويل، وأنهاها بعضهم الى عشرين وجها ولكنها لا تخرج عما ذكرناه. ومن بيتك جار ومجرور متعلقان بأخرج، وبالحق جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال أي ملتبسا بالحق والحكمة والصواب الذي لا محيد عنه، وسيأتي في باب الفوائد ذكر بعض الحوادث التاريخية التي توضح هذا المعنى والإعراب (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) الواو حالية وإن واسمها ومن المؤمنين جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة، واللام المزحلقة وكارهون خبر إن، والجملة في محل نصب حال من الكاف في أخرجك، أي أخرجك في حالة كراهتهم (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) الجملة مستأنفة مسوقة للإخبار عن حالهم بالمجادلة، ويجوز أن تكون حالا ثانية من الكاف أي أخرجك في حال مجادلتهم إياك أو من الضمير في كارهون أي لكارهون في حال الجدال، وفي الحق جار ومجرور متعلقان بيجادلونك وبعد ظرف زمان متعلق بيجادلونك وما مصدرية وهي وما في حيزها مصدر مضاف للظرف أي بعد تبينه وخروجه وهو أقبح من الجدال في الشيء قبل اتضاحه (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) الجملة حالية من الضمير في «لكارهون» أي حال كونهم مشبهين بالذين يساقون بالعنف والصغار الى القتل، وكأنما كافة ومكفوفة، ويساقون فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والى الموت جار ومجرور متعلقان بيساقون، والواو حالية وهم ينظرون جملة في محل نصب على الحال. (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) الواو عاطفة وإذ ظرف متعلق بفعل محذوف أي «واذكر إذ» وجملة يعدكم الله في محل جر بالإضافة وإحدى الطائفتين مفعول به، ولا بد من تقدير محذوف، أي: الظفر بإحدى الطائفتين، والطائفتان العير والنفير (أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) ان واسمها ولكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر، وأن وما في حيزها بدل اشتمال من أحد الطائفتين، وتودون: الواو حالية أو عاطفة، وتودون فعل مضارع مرفوع وعلامة بثبوت النون والواو فاعل، وأن وما في حيزها مفعول تودّون، وجملة تكون خبر أن، ولكم جار ومجرور لكم العير لأنها الطائفة التي لا شوكة لها ولا تريدون الطائفة الأخرى (وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) الواو عاطفة ويريد الله فعل وفاعل وأن مصدرية وهي وما في حيزها مفعول يريد، وبكلماته جار ومجرور متعلقان بيحق. ويقطع دابر الكافرين جملة معطوفة، وقطع الدابر عبارة عن الاستئصال (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) اللام للتعليل ويحق فعل مضارع منصوب بأن مضمرة واللام وما في حيزها متعلقان بمحذوف تقديره فعل ذلك ليحق الحق ويبطل الباطل وليس هذا تكريرا لما قبله لأن الأول خاص والثاني عام فالمراد بالأول تثبيت ما وعد به في هذه الواقعة من النصر والظفر. والمراد بالثاني تدعيم الدين وتقويته وإظهار الشريعة وتثبيتها.
(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) الظرف متعلق بمحذوف، أي: واذكروا، ويجوز أن يتعلق بيحق، وعبّر بالحق حكاية للحال الماضية ولذلك عطف عليه: فاستجاب لكم بصيغة الماضي (فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) الفاء عاطفة كما تقدم ولكم جار ومجرور متعلقان باستجاب وإن وما في حيزها في محل نصب بنزع الخافض أي:
بأني ممدكم، والجار والمجرور متعلقان باستجاب أيضا، وممدكم خبر إن، وبألف جار ومجرور متعلقان بممدكم ومن الملائكة جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لألف، ومردفين صفة ثانية ومفعول مردفين محذوف لأنه اسم فاعل أي أمثالهم أي متبعين بعضهم بعضا، أو متبعين بعضهم لبعض.
الفوائد:
ما يقوله التاريخ؟:
أقبلت عير قريش من الشام فيها تجارة عظيمة ومعها أربعون راكبا، منهم أبو سفيان وعمرو بن العاص وعمرو بن هشام، فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر المسلمين فأعجبهم تلقّي العير لكثرة الخير وقلة القوم، فلما خرجوا بلغ أهل مكة خبر خروجهم فنادى أبو جهل فوق الكعبة: يا أهل مكة، النجاء النجاء على كل صعب وذلول، عيركم أموالكم إن أصابها محمد فلن تفلحوا بعدها أبدا، ثم خرج أبو جهل بجميع أهل مكة وهم النفير في المثل السائر:
لا في العير ولا في النفير فقيل له: إن العير أخذت طريق الساحل ونجت فارجع بالناس الى مكة، فقال: لا والله لن يكون ذلك أبدا حتى ننحر الجزور ونشرب الخمور، ونقيم القينات والمعازف ببدر فيتسامع العرب بمخرجنا، وإن محمدا لم يصب العير وإنا قد أعضضناه فمضى بهم الى بدر، وبدر ماء كانت العرب تجمع فيه نوقهم يوما في السنة، فنزل جبريل فقال: يا محمد إن الله وعدكم إحدى الطائفتين: إما العير وإما فريشا، فاستشار النبي أصحابه وقال: ما تقولون؟ إن القوم قد خرجوا من مكة على كل صعب وذلول فالعير أحبّ إليكم أم النفير؟ قالوا: بل العير أحب إلينا من لقاء العدوّ، فتغيّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ردّ عليهم فقال: إن العير قد مضت على ساحل البحر وهذا أبو جهل قد أقبل فقالوا: يا رسول عليك بالعير ودع العدوّ، فقام عند غضب النبي أبوبكر وعمر فأحسنا ثم قام سعد بن عبادة فقال:
انظر أمرك فو الله لو سرت بنا الى عدن لسرنا ما تخلّف رجل، ثم قال المقداد: يا رسول الله امض لما أمرك الله فإنا معك حيث لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ما دامت منا عين تطرف، فضحك رسول الله ثم قال: أشيروا علي أيها الناس وهو يريد الأنصار لأنهم قالوا له حين بايعوه على العقبة إنا برآء من ذمامك حتى تصل الى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمامنا نمنعك ما نمنع منه آباءنا ونساءنا، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف أن تكون الأنصار لا ترى عليهم نصرته إلا على عدو دهمه بالمدينة، فقام سعد ابن معاذ فقال: لكأنك تريدنا يا رسول الله، قال: أجل، قال: قد آمنا بك وصدّقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا وإنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك فسر بنا على بركة الله، ففرح رسول الله ثم قال: سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر الى مضارع القوم. وقد أطلنا في الاقتباس لأهمية هذا الفصل وبلاغته. خلاصة مفيدة لأقوال المعربين في «كما» :
اختلفوا على خمسة عشر قولا:
1- ان «الكاف» بمعنى واو القسم و «ما» بمعنى «الذي» واقعة على ذي العلم وهو الله، وجواب القسم يجادلونك. قاله أبو عببيدة.
2- إن الكاف بمعنى «إذا» و «ما» زائدة والتقدير: اذكر إذ جاءك 3- إن الكاف بمعنى «على» و «ما» بمعنى «الذي» .
4- وقال عكرمة: التقدير: وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، كما أخرجكم في الطاعة خير لكم كان إخراجك خيرا إليهم.
5- قال الكسائي: كما أخرجك ربك من بيتك على كراهة من فريق منهم كذلك يجادلونك في قتال كفار مكة ويودون غير ذات الشوكة من بعد ما تبين لهم أنك إنما تفعل ما أمرت به لا ما يريدون.
6- قال الفراء: امض لأمرك في الغنائم ونفّل من شئت إن كرهوا كما أخرجك ربك.
7- قال الأخفش: الكاف نعت ل «حقا» والتقدير: هم المؤمنون حقا كما.
8- ان الكاف في موضع رفع، والتقدير: كما أخرجك ربك فاتقوا الله كأنه ابتداء وخبر. 9- قال الزجاج: الكاف في موضع نصب، والتقدير: الأنفال ثابتة لله ثباتا كما أخرجك ربك.
10- إن الكاف في موضع رفع، والتقدير: لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم، وهذا وعد حق كما أخرجك.
11- إن الكاف في موضع رفع أيضا، والمعنى: وأصلحوا ذات بينكم ذلكم خير لكم كما أخرجك، فالكاف نعت لخبر ابتداء محذوف.
12- إنه شبه كراهية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروجه من المدينة حين تحققوا خروج قريش للدفع عن أبي سفيان وحفظ غيره بكراهيتهم نزع الغنائم من أيديهم وجعلها للرسول أو التنفيل منها، وهذا القول أخذه الزمخشري وحسّنه فقال: «يرتفع الكاف على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا الحال كحال اخراجك» .
13- ان قسمتك للغنائم حق كما كان خروجك حقا.
14- إن التشبيه وقع بين اخراجين، أي: اخراجك ربك إياك من بيتك وهو مكة وأنت كاره لخروجك وكانت عاقبة ذلك الخير والنصر والظفر كاخراج ربك إياك من المدينة وبعض المؤمنين كاره يكون عقيب ذلك الظفر والنصر.
15- الكاف للتشبيه على سبيل المجاز كقول القائل لعبده: كما وجهتك الى أعدائي فاستضعفوك وسألت مددا فأمددتك وقوّيتك فخذهم الآن فعاقبهم بكذا، وكم كسوتك وأجريت عليك الرزق فاعمل كذا وكما أحسنت إليك فاشكرني عليك.
وواضح أن مرجع هذه الأوجه واحد فتدبر والله يعصمك.
البلاغة:
1- التشبيهات التمثيلية الواردة في الآيات قد أشرنا إليها أثناء الإعراب لعلاقتها الوثيقة به.
2- العموم والخصوص في قوله تعالى «ليحق الحق ويبطل الباطل» بعد قوله: «يريد الله أن يحق الحق بكلماته» . والتحقيق في التمييز بين الكلامين أن الأول ذكرت فيه الارادة مطلقة غير مقيدة بالواقعة الخاصة كأنه قيل: وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم، ومن شأن الله تعالى إرادة تحقيق الحق وتمحيق الكفر على الإطلاق ولإرادته أن يحق الحق ويبطل الباطل خصكم بذات الشوكة، فبين الكلامين عموم وخصوص واطلاق وتقييد، ولا يخفى ما في ذلك من المبالغة في تأكيد المعنى بذكره على وجهين: اطلاق وتقييد.
كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (5) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8) إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)
اللغة:
(الشَّوْكَةِ) للشوكة معان كثيرة وهي هنا بمعنى البأس والقوة والسلاح، وحدته على أن جميع معانيها ترجع الى معنى التفوق والظهور والغلبة، ومن معانيها إبرة العقرب، وحمرة تعلو الجسد، والنكاية في العدوّ، يقال: لا تشوكك مني شوكة، أي لا يلحقك مني أذى.
وشوكة الحائك: الآلة التي يسوّى بها السدى واللحمة، ويقال:
شاكت إصبعه شوكة، وشوّكت النخلة: خرج شوكها، وشوكت الحائط: جعلت عليه الشوك، ومن المجاز: شوّك الزرع وزرع مشوّك إذا خرج أوله، وشوّك ثدي الجارية وتشوّك: إذا بدأ خروجه.
قال:
أحببت هذي قديما وهي ماشية ... وما تشوّك ثدياها وما نهدا
وإذا استعرضنا مادة الشين والواو فاء وعينا للكلمة وجدنا خاصة عجيبة لها كأنها قد وضعت خاصة لمعاني الظهور والتأثير والارتفاع والتفوق، فالشوب: خلط الشيء بغيره بحيث يؤثر فيه، يقال: شاب العسل بالماء وكأن ريقتها خمر يشوبها عسل، ولهم المشاجب والمشاوب وهي أسفاط وحقق تتحذ من الخوص، وشوّرت به فتشوّر ومنه قيل: أبدى الله شوارك أي عورتك، وفي حديث الزّبّاء: أشوار عروس ترى؟ وهذا من عجيب أمر لغتنا العربية الشريفة فافهم وتدبر.
الإعراب:
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ) كما يجوز أن تكون الكاف بمعنى مثل ومحلها الرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذه الحال كحال اخراجك، ويجوز أن تكون حرفا جارا، ومحل الجار والمجرور الرفع كما تقدّم والمعنى: ان حالهم في كراهة ما رأيت من تنفيل الغزاة مثل حالهم في كراهة خروجك للحرب، ويجوز أن يكون محلها النصب على أنها صفة لمصدر الفعل المقدر في قوله: الأنفال لله والرسول، أي الأنفال استقرت لله والرسول وثبتت مع كراهتهم ثباتا مثل ثبات إخراج ربك إياك من بيتك وهم كارهون. وقد توسّع المعربون القدامى في التقدير والتأويل، وأنهاها بعضهم الى عشرين وجها ولكنها لا تخرج عما ذكرناه. ومن بيتك جار ومجرور متعلقان بأخرج، وبالحق جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال أي ملتبسا بالحق والحكمة والصواب الذي لا محيد عنه، وسيأتي في باب الفوائد ذكر بعض الحوادث التاريخية التي توضح هذا المعنى والإعراب (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) الواو حالية وإن واسمها ومن المؤمنين جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة، واللام المزحلقة وكارهون خبر إن، والجملة في محل نصب حال من الكاف في أخرجك، أي أخرجك في حالة كراهتهم (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) الجملة مستأنفة مسوقة للإخبار عن حالهم بالمجادلة، ويجوز أن تكون حالا ثانية من الكاف أي أخرجك في حال مجادلتهم إياك أو من الضمير في كارهون أي لكارهون في حال الجدال، وفي الحق جار ومجرور متعلقان بيجادلونك وبعد ظرف زمان متعلق بيجادلونك وما مصدرية وهي وما في حيزها مصدر مضاف للظرف أي بعد تبينه وخروجه وهو أقبح من الجدال في الشيء قبل اتضاحه (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) الجملة حالية من الضمير في «لكارهون» أي حال كونهم مشبهين بالذين يساقون بالعنف والصغار الى القتل، وكأنما كافة ومكفوفة، ويساقون فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والى الموت جار ومجرور متعلقان بيساقون، والواو حالية وهم ينظرون جملة في محل نصب على الحال. (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) الواو عاطفة وإذ ظرف متعلق بفعل محذوف أي «واذكر إذ» وجملة يعدكم الله في محل جر بالإضافة وإحدى الطائفتين مفعول به، ولا بد من تقدير محذوف، أي: الظفر بإحدى الطائفتين، والطائفتان العير والنفير (أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) ان واسمها ولكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر، وأن وما في حيزها بدل اشتمال من أحد الطائفتين، وتودون: الواو حالية أو عاطفة، وتودون فعل مضارع مرفوع وعلامة بثبوت النون والواو فاعل، وأن وما في حيزها مفعول تودّون، وجملة تكون خبر أن، ولكم جار ومجرور لكم العير لأنها الطائفة التي لا شوكة لها ولا تريدون الطائفة الأخرى (وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) الواو عاطفة ويريد الله فعل وفاعل وأن مصدرية وهي وما في حيزها مفعول يريد، وبكلماته جار ومجرور متعلقان بيحق. ويقطع دابر الكافرين جملة معطوفة، وقطع الدابر عبارة عن الاستئصال (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) اللام للتعليل ويحق فعل مضارع منصوب بأن مضمرة واللام وما في حيزها متعلقان بمحذوف تقديره فعل ذلك ليحق الحق ويبطل الباطل وليس هذا تكريرا لما قبله لأن الأول خاص والثاني عام فالمراد بالأول تثبيت ما وعد به في هذه الواقعة من النصر والظفر. والمراد بالثاني تدعيم الدين وتقويته وإظهار الشريعة وتثبيتها.
(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) الظرف متعلق بمحذوف، أي: واذكروا، ويجوز أن يتعلق بيحق، وعبّر بالحق حكاية للحال الماضية ولذلك عطف عليه: فاستجاب لكم بصيغة الماضي (فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) الفاء عاطفة كما تقدم ولكم جار ومجرور متعلقان باستجاب وإن وما في حيزها في محل نصب بنزع الخافض أي:
بأني ممدكم، والجار والمجرور متعلقان باستجاب أيضا، وممدكم خبر إن، وبألف جار ومجرور متعلقان بممدكم ومن الملائكة جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لألف، ومردفين صفة ثانية ومفعول مردفين محذوف لأنه اسم فاعل أي أمثالهم أي متبعين بعضهم بعضا، أو متبعين بعضهم لبعض.
الفوائد:
ما يقوله التاريخ؟:
أقبلت عير قريش من الشام فيها تجارة عظيمة ومعها أربعون راكبا، منهم أبو سفيان وعمرو بن العاص وعمرو بن هشام، فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر المسلمين فأعجبهم تلقّي العير لكثرة الخير وقلة القوم، فلما خرجوا بلغ أهل مكة خبر خروجهم فنادى أبو جهل فوق الكعبة: يا أهل مكة، النجاء النجاء على كل صعب وذلول، عيركم أموالكم إن أصابها محمد فلن تفلحوا بعدها أبدا، ثم خرج أبو جهل بجميع أهل مكة وهم النفير في المثل السائر:
لا في العير ولا في النفير فقيل له: إن العير أخذت طريق الساحل ونجت فارجع بالناس الى مكة، فقال: لا والله لن يكون ذلك أبدا حتى ننحر الجزور ونشرب الخمور، ونقيم القينات والمعازف ببدر فيتسامع العرب بمخرجنا، وإن محمدا لم يصب العير وإنا قد أعضضناه فمضى بهم الى بدر، وبدر ماء كانت العرب تجمع فيه نوقهم يوما في السنة، فنزل جبريل فقال: يا محمد إن الله وعدكم إحدى الطائفتين: إما العير وإما فريشا، فاستشار النبي أصحابه وقال: ما تقولون؟ إن القوم قد خرجوا من مكة على كل صعب وذلول فالعير أحبّ إليكم أم النفير؟ قالوا: بل العير أحب إلينا من لقاء العدوّ، فتغيّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ردّ عليهم فقال: إن العير قد مضت على ساحل البحر وهذا أبو جهل قد أقبل فقالوا: يا رسول عليك بالعير ودع العدوّ، فقام عند غضب النبي أبوبكر وعمر فأحسنا ثم قام سعد بن عبادة فقال:
انظر أمرك فو الله لو سرت بنا الى عدن لسرنا ما تخلّف رجل، ثم قال المقداد: يا رسول الله امض لما أمرك الله فإنا معك حيث لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ما دامت منا عين تطرف، فضحك رسول الله ثم قال: أشيروا علي أيها الناس وهو يريد الأنصار لأنهم قالوا له حين بايعوه على العقبة إنا برآء من ذمامك حتى تصل الى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمامنا نمنعك ما نمنع منه آباءنا ونساءنا، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف أن تكون الأنصار لا ترى عليهم نصرته إلا على عدو دهمه بالمدينة، فقام سعد ابن معاذ فقال: لكأنك تريدنا يا رسول الله، قال: أجل، قال: قد آمنا بك وصدّقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا وإنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك فسر بنا على بركة الله، ففرح رسول الله ثم قال: سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر الى مضارع القوم. وقد أطلنا في الاقتباس لأهمية هذا الفصل وبلاغته. خلاصة مفيدة لأقوال المعربين في «كما» :
اختلفوا على خمسة عشر قولا:
1- ان «الكاف» بمعنى واو القسم و «ما» بمعنى «الذي» واقعة على ذي العلم وهو الله، وجواب القسم يجادلونك. قاله أبو عببيدة.
2- إن الكاف بمعنى «إذا» و «ما» زائدة والتقدير: اذكر إذ جاءك 3- إن الكاف بمعنى «على» و «ما» بمعنى «الذي» .
4- وقال عكرمة: التقدير: وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، كما أخرجكم في الطاعة خير لكم كان إخراجك خيرا إليهم.
5- قال الكسائي: كما أخرجك ربك من بيتك على كراهة من فريق منهم كذلك يجادلونك في قتال كفار مكة ويودون غير ذات الشوكة من بعد ما تبين لهم أنك إنما تفعل ما أمرت به لا ما يريدون.
6- قال الفراء: امض لأمرك في الغنائم ونفّل من شئت إن كرهوا كما أخرجك ربك.
7- قال الأخفش: الكاف نعت ل «حقا» والتقدير: هم المؤمنون حقا كما.
8- ان الكاف في موضع رفع، والتقدير: كما أخرجك ربك فاتقوا الله كأنه ابتداء وخبر. 9- قال الزجاج: الكاف في موضع نصب، والتقدير: الأنفال ثابتة لله ثباتا كما أخرجك ربك.
10- إن الكاف في موضع رفع، والتقدير: لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم، وهذا وعد حق كما أخرجك.
11- إن الكاف في موضع رفع أيضا، والمعنى: وأصلحوا ذات بينكم ذلكم خير لكم كما أخرجك، فالكاف نعت لخبر ابتداء محذوف.
12- إنه شبه كراهية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروجه من المدينة حين تحققوا خروج قريش للدفع عن أبي سفيان وحفظ غيره بكراهيتهم نزع الغنائم من أيديهم وجعلها للرسول أو التنفيل منها، وهذا القول أخذه الزمخشري وحسّنه فقال: «يرتفع الكاف على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا الحال كحال اخراجك» .
13- ان قسمتك للغنائم حق كما كان خروجك حقا.
14- إن التشبيه وقع بين اخراجين، أي: اخراجك ربك إياك من بيتك وهو مكة وأنت كاره لخروجك وكانت عاقبة ذلك الخير والنصر والظفر كاخراج ربك إياك من المدينة وبعض المؤمنين كاره يكون عقيب ذلك الظفر والنصر.
15- الكاف للتشبيه على سبيل المجاز كقول القائل لعبده: كما وجهتك الى أعدائي فاستضعفوك وسألت مددا فأمددتك وقوّيتك فخذهم الآن فعاقبهم بكذا، وكم كسوتك وأجريت عليك الرزق فاعمل كذا وكما أحسنت إليك فاشكرني عليك.
وواضح أن مرجع هذه الأوجه واحد فتدبر والله يعصمك.
البلاغة:
1- التشبيهات التمثيلية الواردة في الآيات قد أشرنا إليها أثناء الإعراب لعلاقتها الوثيقة به.
2- العموم والخصوص في قوله تعالى «ليحق الحق ويبطل الباطل» بعد قوله: «يريد الله أن يحق الحق بكلماته» . والتحقيق في التمييز بين الكلامين أن الأول ذكرت فيه الارادة مطلقة غير مقيدة بالواقعة الخاصة كأنه قيل: وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم، ومن شأن الله تعالى إرادة تحقيق الحق وتمحيق الكفر على الإطلاق ولإرادته أن يحق الحق ويبطل الباطل خصكم بذات الشوكة، فبين الكلامين عموم وخصوص واطلاق وتقييد، ولا يخفى ما في ذلك من المبالغة في تأكيد المعنى بذكره على وجهين: اطلاق وتقييد.
إعراب الآية ٨ من سورة الأنفال التبيان في إعراب القرآن
هذه الآية لا يوجد لها إعراب
إعراب الآية ٨ من سورة الأنفال الجدول في إعراب القرآن
[سورة الأنفال (8) : الآيات 7 الى 8]
وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)
الإعراب
(الواو) استئنافيّة (إذ) اسم ظرفيّ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكروا (يعد) مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (إحدى) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (الطائفتين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء (أنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ- و (ها) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر أنّ.
والمصدر المؤوّل (أنّها لكم) في محلّ نصب بدل من المفعول الثاني إحدى.. أي يعدكم ملكية إحدى الطائفتين (الواو) عاطفة- أو حاليّة- (تودّون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (أن) مثل الأول (غير) اسم أنّ منصوب (ذات) مضاف إليه مجرور (الشوكة) مضاف إليه مجرور (تكون) مضارع تام مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي أي غير ذات الشوكة (لكم) مثل الأول متعلّق ب (تكون) .
والمصدر المؤوّل (أنّ غير ذات ... ) في محلّ نصب مفعول به عامله تودّون.
(الواو) عاطفة (يريد) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (أن) حرف مصدري ونصب (يحقّ) مضارع منصوب، والفاعل هو (الحقّ) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن يحقّ) في محلّ نصب مفعول به عامله يريد.
(بكلمات) جارّ ومجرور متعلّق ب (يحقّ) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (يقطع دابر) مثل يحقّ الحقّ ومعطوف عليه (الكافرين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: « (اذكروا) إذ يعدكم» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يعدكم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «تودّون ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة يعدكم . وجملة: «تكون لكم» في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: «يريد الله» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يحقّ الحقّ» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «يقطع ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يحقّ.
(اللام) لام التعليل (يحقّ) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل هو أي الله (الحقّ) مثل الأول (الواو) عاطفة (يبطل الباطل) مثل يحقّ الحقّ ومعطوف عليه (الواو) حاليّة (لو) حرف شرط غير جازم (كره) فعل ماض (المجرمون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو.
والمصدر المؤوّل (أن يحقّ ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف تقديره أمركم بالقتال.
وجملة: «يحقّ ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: «يبطل ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يحقّ ...
وجملة: «كره المجرمون» في محلّ نصب حال من مفعول الأمر، والرابط مقدّر أي ولو كره المجرمون ذلك.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه مضمون الكلام السابق أي: لو كره المجرمون القتال فقد أمركم الله به لإحقاق الحقّ.
الصرف
(الشوكة) ، اسم بمعنى القوّة والبأس، وزنه فعلة بفتح الفاء وهو مستعار من واحدة الشوك.
البلاغة
العموم والخصوص: في قوله تعالى «لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ» بعد قوله تعالى «يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ» . والتحقيق في التمييز بين الكلامين أن الأول ذكر الإرادة فيه مطلقة غير مقيدة بالواقعة الخاصة، كأنه قيل: وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم، ومن شأن الله تعالى إرادة تحقيق الحق وتمحيق الكفر على الإطلاق، ولإرادته أن يحق الحق ويبطل الباطل خصكم بذات الشوكة، فبين الكلامين عموم وخصوص، وإطلاق وتقييد. وفي ذلك ما لا يخفى من المبالغة في تأكيد المعنى بذكره على وجهين: إطلاق، وتقييد.
وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)
الإعراب
(الواو) استئنافيّة (إذ) اسم ظرفيّ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكروا (يعد) مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (إحدى) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (الطائفتين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء (أنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ- و (ها) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر أنّ.
والمصدر المؤوّل (أنّها لكم) في محلّ نصب بدل من المفعول الثاني إحدى.. أي يعدكم ملكية إحدى الطائفتين (الواو) عاطفة- أو حاليّة- (تودّون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (أن) مثل الأول (غير) اسم أنّ منصوب (ذات) مضاف إليه مجرور (الشوكة) مضاف إليه مجرور (تكون) مضارع تام مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي أي غير ذات الشوكة (لكم) مثل الأول متعلّق ب (تكون) .
والمصدر المؤوّل (أنّ غير ذات ... ) في محلّ نصب مفعول به عامله تودّون.
(الواو) عاطفة (يريد) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (أن) حرف مصدري ونصب (يحقّ) مضارع منصوب، والفاعل هو (الحقّ) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن يحقّ) في محلّ نصب مفعول به عامله يريد.
(بكلمات) جارّ ومجرور متعلّق ب (يحقّ) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (يقطع دابر) مثل يحقّ الحقّ ومعطوف عليه (الكافرين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: « (اذكروا) إذ يعدكم» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يعدكم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «تودّون ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة يعدكم . وجملة: «تكون لكم» في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: «يريد الله» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يحقّ الحقّ» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «يقطع ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يحقّ.
(اللام) لام التعليل (يحقّ) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل هو أي الله (الحقّ) مثل الأول (الواو) عاطفة (يبطل الباطل) مثل يحقّ الحقّ ومعطوف عليه (الواو) حاليّة (لو) حرف شرط غير جازم (كره) فعل ماض (المجرمون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو.
والمصدر المؤوّل (أن يحقّ ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف تقديره أمركم بالقتال.
وجملة: «يحقّ ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: «يبطل ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يحقّ ...
وجملة: «كره المجرمون» في محلّ نصب حال من مفعول الأمر، والرابط مقدّر أي ولو كره المجرمون ذلك.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه مضمون الكلام السابق أي: لو كره المجرمون القتال فقد أمركم الله به لإحقاق الحقّ.
الصرف
(الشوكة) ، اسم بمعنى القوّة والبأس، وزنه فعلة بفتح الفاء وهو مستعار من واحدة الشوك.
البلاغة
العموم والخصوص: في قوله تعالى «لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ» بعد قوله تعالى «يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ» . والتحقيق في التمييز بين الكلامين أن الأول ذكر الإرادة فيه مطلقة غير مقيدة بالواقعة الخاصة، كأنه قيل: وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم، ومن شأن الله تعالى إرادة تحقيق الحق وتمحيق الكفر على الإطلاق، ولإرادته أن يحق الحق ويبطل الباطل خصكم بذات الشوكة، فبين الكلامين عموم وخصوص، وإطلاق وتقييد. وفي ذلك ما لا يخفى من المبالغة في تأكيد المعنى بذكره على وجهين: إطلاق، وتقييد.
إعراب الآية ٨ من سورة الأنفال النحاس
{لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ..} [8]
أي يحقّ وَعدَهُ {وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ} أي كيد الكافرين.
إعراب الآية ٨ من سورة الأنفال مشكل إعراب القرآن للخراط
{ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ }
قوله "ليحق": اللام للتعليل، والفعل منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد اللام، والمصدر المؤول مجرور باللام متعلق بـ "يقطع"، و "الحق" مفعول به. قوله "ولو كره": الواو حالية، عطفت هذه الحال على حال مقدرة والتقدير: في كل حال ولو في هذه الحال، وهذا لاستقصاء الأحوال. وجواب الشرط محذوف دَلَّ عليه ما قبله، والجملة حالية من الإحقاق المفهوم من قوله "ليحق".