إعراب : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم علىٰ سواء ۚ إن الله لا يحب الخائنين

إعراب الآية 58 من سورة الأنفال , صور البلاغة و معاني الإعراب.

وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ

التفسير الميسر. تفسير الآية ٥٨ من سورة الأنفال

وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم علىٰ سواء ۚ إن الله لا يحب الخائنين

وإن خفت -أيها الرسول- من قومٍ خيانة ظهرت بوادرها فألق إليهم عهدهم، كي يكون الطرفان مستويين في العلم بأنه لا عهد بعد اليوم. إن الله لا يحب الخائنين في عهودهم الناقضين للعهد والميثاق.
(وَإِمَّا)
"الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ(إِنْ) : حَرْفُ شَرْطٍ وَجَزْمٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ(مَا) : حَرْفٌ زَائِدٌ لِلتَّوْكِيدِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
(تَخَافَنَّ)
فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لِاتِّصَالِهِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ فِعْلُ الشَّرْطِ، وَ"النُّونُ" حَرْفُ تَوكِيدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنْتَ".
(مِنْ)
حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
(قَوْمٍ)
اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
(خِيَانَةً)
مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
(فَانْبِذْ)
"الْفَاءُ" حَرْفٌ وَاقِعٌ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ(انْبِذْ) : فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنْتَ"، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ جَوَابُ الشَّرْطِ.
(إِلَيْهِمْ)
(إِلَى) : حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ.
(عَلَى)
حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
(سَوَاءٍ)
اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
(إِنَّ)
حَرْفُ تَوْكِيدٍ وَنَصْبٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ.
(اللَّهَ)
اسْمُ الْجَلَالَةِ اسْمُ (إِنَّ) : مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
(لَا)
حَرْفُ نَفْيٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
(يُحِبُّ)
فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ"، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرُ (إِنَّ) :.
(الْخَائِنِينَ)
مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ.

إعراب الآية ٥٨ من سورة الأنفال

{ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ( الأنفال: 58 ) }
﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ﴾: الواو: حرف عطف.
إمّا تخافن: مثل "إمّا تثقفن".
وهو «إنّ: حرف شرط جازم.
﴿ما﴾: حرف زائد.
﴿تَثْقَفَنَّهُمْ﴾: فعل مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط، والنون: للتوكيد، والفاعل ضمير مبنيّ مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت».
﴿مِنْ قَوْمٍ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بحال من خيانة، نعت تقدّم على المنعوت.
﴿خِيَانَةً﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
﴿فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ﴾: مثل "فشرد بهم".
وهو «فَشَرِّدْ: الفاء: حرف رابط لجواب الشرط.
شرد: فعل أمر مبنيّ على السكون، والفاعل: أنت.
﴿بِهِمْ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بـ"شرِّد"».
﴿على سواء﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بحال من الفاعل والمفعول معًا.
﴿إِنَّ﴾: حرف توكيد مشبّه بالفعل.
﴿اللَّهَ﴾: لفظ الجلالة اسم "إنّ" منصوب بالفتحة.
﴿لَا﴾: حرف نفي.
﴿يُحِبُّ﴾: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة، والفاعل: هو.
﴿الْخَائِنِينَ﴾: مفعول به منصوب، وعلامة النصب الياء.
وجملة "تخافن" لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها استئنافيّة.
وجملة "انبذ لهم" في محلّ جزم جواب الشرط.
وجملة "إنّ الله لا يحب" لا محلّ لها من الإعراب، لأنّها في حكم التعليل.
وجملة "لا يحب الخائنين" في محلّ رفع خبر "إن".

إعراب الآية ٥٨ من سورة الأنفال مكتوبة بالتشكيل

﴿وَإِمَّا﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( إِنْ ) حَرْفُ شَرْطٍ وَجَزْمٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ( مَا ) حَرْفٌ زَائِدٌ لِلتَّوْكِيدِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿تَخَافَنَّ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لِاتِّصَالِهِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ فِعْلُ الشَّرْطِ، وَ"النُّونُ" حَرْفُ تَوكِيدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنْتَ".
﴿مِنْ﴾: حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿قَوْمٍ﴾: اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿خِيَانَةً﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿فَانْبِذْ﴾: "الْفَاءُ" حَرْفٌ وَاقِعٌ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( انْبِذْ ) فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنْتَ"، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ جَوَابُ الشَّرْطِ.
﴿إِلَيْهِمْ﴾: ( إِلَى ) حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ.
﴿عَلَى﴾: حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿سَوَاءٍ﴾: اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿إِنَّ﴾: حَرْفُ تَوْكِيدٍ وَنَصْبٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ.
﴿اللَّهَ﴾: اسْمُ الْجَلَالَةِ اسْمُ ( إِنَّ ) مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿لَا﴾: حَرْفُ نَفْيٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿يُحِبُّ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ"، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرُ ( إِنَّ ).
﴿الْخَائِنِينَ﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ.

إعراب الآية ٥٨ من سورة الأنفال إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة الأنفال (8) : الآيات 55 الى 59]
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (58) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (59)


اللغة:
(تَثْقَفَنَّهُمْ) : تصادفهم وتظفر بهم، وفي المصباح: ثقفت الشيء ثقفا من باب تعب أخذته، وثقفت الرجل في الحرب أدركته، وثقفته ظفرت به، وثقفت الحديث فهمته بسرعة والفاعل ثقيف.
(فَانْبِذْ) : فاطرح إليهم العهد، والنبذ الطرح، وهو هنا مجاز عن إعلامهم بأن لا عهد لهم بعد اليوم، فشبّه العهد بالشيء الذي يرمى لعدم الرغبة فيه، وأثبت النبذ له تخييلا، ومفعوله محذوف أي عهدهم. وسيأتي مزيد من هذا البحث الهام في باب البلاغة.


الإعراب:
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) إن واسمها والدواب مضاف لشر وعند الله ظرف متعلق بمحذوف حال والذين خبر إن وجملة كفروا صلة، والجملة كلها استئنافية سيقت بعد شرح أحوال المهلكين من شرار الكفرة للشروع في بيان أحوال الباقين منهم وتفصيل أحكامهم.
(فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) الفاء الفصيحة وهم مبتدأ وجملة لا يؤمنون خبر، أي لا يتوقع منهم إيمان بعد أن أصروا على الكفر ولجوا فيه. (الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ) بدل من الذين كفروا فمحله الرفع، أي الذين عاهدتهم من الذين كفروا، وجعلهم شر الدواب لأن شر الناس الكفار، وشر الكفار المصرون منهم، وشر المصرين الذين نكثوا العهود، وجملة عاهدت صلة ومنهم حال. (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) ثم عطف للترتيب مع التراخي وعهدهم مفعول به وفي كل مرة جار ومجرور متعلقان بينقضون والواو عاطفة وهم مبتدأ وجملة لا يتقون خبر. (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ) الفاء رابطة لشبه المبتدأ بالشرط لأن الموصول فيه رائحة منه وإن شرطية وما زائدة، وأدغمت النون بالميم، وتثقفنهم فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وهو في محل جزم فعل الشرط والهاء مفعول به وفي الحرب جار ومجرور متعلقان بتثقفنهم. (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) الفاء رابطة وشرد فعل أمر وبهم جار ومجرور متعلقان بشرد والباء بمعنى السببية أي بسبب تنكيلك بهم، ومن مفعول به لشرد وخلفهم ظرف متعلق بمحذوف صلة، والمعنى انك إذا ظفرت بهؤلاء الكفار الذين نقضوا العهد، فافعل بهم أنماطا من التنكيل تفرق بها جمع كل ناقض للعهد خافر للذمام، حتى يخافك من وراءهم. (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) لعل واسمها وجملة يذكرون خبرها أي لعلهم يتعظون بهم. (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) الواو عاطفة وإن شرطية أدغمت بما الزائدة وتخافن فعل الشرط ولكنه مبني لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل مستتر تقديره أنت ومن قوم جار ومجرور متعلقان بتخافن وخيانة مفعول به.
(فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) الفاء رابطة وانبذ فعل أمر وإليهم جار ومجرور متعلقان بانبذ وعلى سواء في موضع الحال من الفاعل والمفعول معا أي فاعل الفعل وهو ضمير النبي ومفعوله وهو المجرور بإلى أي حال كونهم مستوين في العلم بنقض العهد وسيأتي مزيد بحث في هذه الآية العجيبة الأسلوب. (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) إن واسمها وجملة لا يحب الخائنين خبرها، والجملة تعليلية للأمر بالنبذ، والنهي عن مناجزة القتال المدلول عليه بالحال على طريقة الاستئناف. (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) الواو عاطفة ولا ناهية ويحسبن مضارع مبني في محل جزم بلا الناهية والذين كفروا فاعل والمفعول الأول محذوف أي أنفسهم وجملة سبقوا مفعول يحسبن الثاني أي فاتوا عذابه ونجوا منه وان واسمها وجملة لا يعجزون خبرها.

البلاغة:

فن الاشارة:
في قوله تعالى: «وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء» ، فن يقال له: «فن الاشارة» ، وبعضهم يدرجه في باب الإيجاز لأنه متفرع عنه، ولكن قدامة فرعه من ائتلاف اللفظ مع المعنى، وشرحه فقال، هو أن يكون اللفظ القليل دالا على المعنى الكثير حتى تكون دلالة اللفظ على المعنى كالإشارة باليد فإنها تشير بحركة واحدة إلى أشياء كثيرة لو عبّر عنها بأسمائها احتاجت الى عبارة طويلة وألفاظ كثيرة. والفرق بينه وبين الإيجاز أن الإيجاز بألفاظ المعنى الموضوعة له، وألفاظ الاشارة لمحة دالة، فدلالة اللفظ على الإيجاز دلالة مطابقة، ودلالة اللفظ في الإشارة إما دلالة تضمين أو دلالة التزام، فقوله تعالى:
«فانبذ إليهم على سواء» تشير الى الأمر بالمقاتلة بنبذ العهد كما نبذوا عهدك، مع ما يدل عليه الأمر بالمساواة في الفعل من العدل، فإذا أضفت الى ذلك ما تشير إليه كلمة خيانة من وجود معاهدة سابقة، تبين لك ما انطوت عليه هذه الإشارات الخفية من دلالات كأنها أخذة السحر.
وقد افتن العلماء في بناء حكم الآية، فقالوا: إنه إذا ظهرت آثار نقض العهد ممن هادنهم الإمام من المشركين بأمر ظاهر مستفيض، استغنى الامام عن نبذ العهد وإعلامهم بالحرب، وإن ظهرت الخيانات بأمارات تلوح وتتضح له من غير أمر مستفيض، فحينئذ يجب عليه أن ينبذ إليهم ويعلمهم بالحرب، وأما إذا ظهر نقض العهد ظهورا مقطوعا، فلا حاجة للإمام الى نبذ العهد، بل يفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل مكة لما نقضوا العهد بقتل خزاعة، وهم في ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرعهم إلا وجيشه بمر الظهران وذلك على أربعة فراسخ من مكة.

فن الاشارة في الشعر:
أما فن الاشارة في الشعر فهو شائع في شعرنا العربي كثيرا ومن أطرفه قول بهاء الدين زهير:
عفا الله عنكم أين ذاك التودّد؟ ... وأين جميل منكم كنت أعهد؟
بما بيننا لا تنقضوا العهد بيننا ... فيسمع واش أو يقول مفند
فقد أشار بما إلى ما لا يحصى من دواعي الهوى، ونوازع الشوق، وجميل قول أبي الطيب المتنبي:
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي ... وللحب ما لم يبق مني وما بقي
فقد أشار بما الأولى وما الثانية الى ما لا يخفى مما يلقاه قلبه من الوجد فيما يستأنفه، وما لقيه من قبل ذلك فيما أسلفاه، ومما أحدثه الحب فيه من ندوب سواء ما لم يبقه السقم منه مما أفناه، وما بقي منه مما أنحله وأضناه، ولأبي فراس في الإشارة:
وما لك لا تلقى بمهجتك القنا ... وأنت من القوم الذين هم هم وما أبدع قول أبي العلاء المعري:
منك الصدود ومني بالصّدود رضا ... من ذا عليّ بهذا في هواك قضى
بي منك ما لو بعين الشمس ما طلعت ... من الكآبة أو بالبرق ما ومضا
أما خالد الكاتب فقد بلغ نهاية الحسن بقوله:
رقدت ولم ترث للساهر ... وليل المحب بلا آخر
ولم تدر بعد ذهاب الرقا ... د ما فعل الدمع بالناظر

إعراب الآية ٥٨ من سورة الأنفال التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ(58) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ) : أَيْ عَهْدَهُمْ، فَحُذِفَ الْمَفْعُولُ.
وَ (عَلَى سَوَاءٍ) : حَالٌ.

إعراب الآية ٥٨ من سورة الأنفال الجدول في إعراب القرآن

[سورة الأنفال (8) : آية 58]
وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (58)


الإعراب
(الواو) استئنافيّة (إمّا تخافنّ) مثل إمّا تثقفنّ (من قوم) جارّ ومجرور متعلّق بحال من خيانة- نعت تقدّم على المنعوت- (خيانة) مفعول به منصوب (فانبذ إليهم) مثل فشرّد بهم ، ومفعول انبذ محذوف أي العهد (على سواء) جارّ ومجرور حال من الفاعل والمفعول معا أي حال كونكم مستوين معهم أو حال كونهم مستوين معكم ... في العلم بنقض العهد (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (لا) نافية (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل هو (الخائنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
وجملة: «تخافنّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «انبذ ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «إنّ الله لا يحبّ ... » لا محلّ لها في حكم التعليل.
وجملة: «لا يحب الخائنين» في محلّ رفع خبر إنّ.


الصرف
(خيانة) ، مصدر سماعيّ لفعل خان يخون باب نصر، وزنه فعالة بكسر الفاء، وثمّة مصادر أخرى هي خون بفتح الخاء وسكون الواو وخانة ... ثمّ مصدر ميميّ مخانة بفتح الميم.


البلاغة
1- الاستعارة المكنية التخييلية: في قوله تعالى: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فالخوف مستعار للعلم، أي وإما تعلمن من قوم معاهدين لك نقض عهد فيما سيأتي بما يلوح لك منهم من الدلائل «فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ» .
2- فن الإشارة: في قوله تعالى: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ وبعضهم يدرجه في باب الإيجاز لأنه تفرع عنه، ولكن قدامة فرعه من ائتلاف اللفظ مع المعنى، وشرحه هو أن يكون اللفظ القليل دالا على المعنى الكثير، حتى تكون دلالة اللفظ على المعنى كالإشارة باليد، فإنها تشير بحركة واحدة إلى أشياء كثيرة لو عبّر عنها بأسمائها احتاجت الى عبارة طويلة وألفاظ كثيرة.
فقوله تعالى فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ تشير الى الأمر بالمقاتلة بنبذ العهد كما نبذوا عهدك، مع ما يدل عليه سال. مر بالمساواة في الفعل من العدل، فإذا أضفت الى ذلك ما تشير إليه كلمة خيانة من وجود معاهدة سابقة، تبين لك ما انطوت عليه هذه الإشارات الخفية من دلالات كأنها أخذة السحر.


الفوائد
1- متى ينقض العهد مع الكافرين؟
بينت هذه الآية حكما فقهيا، وهو جواز فسخ عقود الأمان مع الكفار، عند ما نخشى غدرهم وخيانتهم، كما فعل رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) مع بني قريظة والنضير عند ما بدت خيانتهم، كما يجب إعلامهم بذلك الفسخ، حتى لا يبقى لوم على المسلمين، أما إن غدروا وخانوا العهد فلا يشترط إعلامهم، كما حصل لكفار مكة عند ما نقضوا صلح الحديبية، فإن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) سار إليهم دون أن يعلمهم.
وقد ورد حديث بهذا الصدد يقول: عن سليم بن عامر عن رجل من حمير قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم ليقرب، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدرا، فإذا هو عمرو بن عنبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله فقال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشدّ عقدة ولا يحلّها حتى ينقضي أجلها، أو ينبذ إليهم على سواء فرجع معاوية. أخرجه أبو داود والترمذي.
2- ما (الزائدة) ورد في هذه الآية قوله تعالى وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ نحن هنا بصدد (إما) وهي مؤلفة من إن الشرطيّة وما الزائدة وقال النحويون: إنه في هذه الحال يجوز توكيد الفعل وعدم توكيده، ولكن أسلوب القرآن الكريم جرى على توكيده. وترد ما الزائدة في كثير من المواضع سنذكر أهمها:
1- بعد إذا مثل قول الشاعر:
إذا ما الملك سام الناس خسفا ... أبينا أن نقر الذل فينا
2- بعد بعض حروف الجر كالباء، مثل قوله تعالى: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ.
وبعد عن، كقوله تعالى: عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ.
3- وتزاد بين المتبوع ومتبوعه، كقوله تعالى: مَثَلًا ما بَعُوضَةً قال الزجاج: ما حرف زائد للتوكيد عند جميع البصريين وبعوضة بدل.
4- وتزاد بعد سيّ كقول امرئ القيس:
ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل

إعراب الآية ٥٨ من سورة الأنفال النحاس

{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ..} [58] قال الكسائي: السواء العدل، وقال الفراء: يقال: معناه افعَلْ بهم كما يفعلون سواءاً، قال: ويقال: معنى {فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ} جهراً لا سِرّاً. قال أبو جعفر: هذا من مُعجِزِ ما جاء في القرآن مما لا يُوجَدُ في الكلامِ مِثلُهُ على اختصاره وكثرة معانيه، والمعنى إمّا تَخَافَنَّ من قوم بَينَكَ وبَيْنَهُمْ عَهدٌ خِيَانةً فانبذْ إليهم العهدَ أي قُلْ قد نبذتُ اليكم عَهدَكُمْ وأنا مقاتلكم ليعلموا ذلك فيكونوا مَعَكَ في العلم سَواءاً، ولا تُقاتِلْهُمْ وبَيْنَكَ وبَينَهُمْ عهد وهم يتقون بم فيكون ذلك خيانة ثم بَيّنَ هذا بقوله {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ}.

إعراب الآية ٥٨ من سورة الأنفال مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ } الجارّ "من قوم" متعلق بحال من "خيانة"، والجار "على سواء" متعلق بحال من الفاعل والمفعول معًا ، وجملة "إن الله لا يحب" مستأنفة.